بايدن الترامبي!
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
استراتيجية بايدن للأمن القومي هي نفسها استراتيجية ترامب، وليس ذلك مفاجئاً ولا مستغرباً أن يسير بايدن على خطى سلفه؛ لأنهما وجهان لعملة واحدة، وهدفهما بقاء النظام الإمبريالي البشع وتطوره، وهيمنة الشركات الأمريكية العملاقة، واستغلال ثروات الشعوب، وخلق المناخ العالمي الذي من خلاله يستطيع النظام الأمريكي أن يبقى ويزدهر تحت ظل القوة الأمريكية وهيمنتها وتفوقها وانتعاش شركاتها العملاقة المنتجة لأسلحة الموت والدمار وتركيع الشعوب.
لم يتغير موقف أمريكا تجاه العدوان والتحالف الكوني، ولم تتخذ أية إجراءات لوقف العدوان والقصف والحصار، ومايزال العدوان يمارس حتى اللحظة مهامه الإجرامية ضد الشعب اليمني وبموافقة ومخطط أمريكي حفاظاً على مصالحها الاقتصادية والخروج من أزماتها واختناقاتها الاجتماعية، فالخلاص الوحيد لأمريكا في هذه الظروف بالذات يتمثل في إحكام السيطرة على النفط وتجارة الأسلحة والموت، وهذه السيطرة المطلوبة تتجاوز حدود القيم والمبادئ الإنسانية، والحدود الإقليمية والأممية، والأنظمة والكون، وكل الاستراتيجيات والتحالفات.
بايدن يسعى إلى استعادة أمريكا قوتها وجبروتها وقدرتها وتمكنها وتحصينها أيضاً بغض النظر عن مصالح الشعوب الأخرى والحروب والدمار الكوني الشامل. بايدن يسعى إلى "أمريكا أولاً"، شعار ترامب نفسه، الهدف نفسه، الاستراتيجية نفسها (سحق العالم)، المهم أن تبقى أمريكا قوية ومهيمنة وخالية من الأزمات الاقتصادية والاختناقات الاجتماعية.
السعودية والكيانات الخليجية الكرتونية الهزيلة هي السند القوي الداعم لأمريكا اقتصادياً وسياساً، وأفضل الأدوات طاعة في حل الأزمات الأمريكية، ولا يمكن لأمريكا بأي حال من الأحوال التفريط بثروات الخليج والسعودية واستثمارها، بل تريد استغلالها بالشكل المضمون والمطلوب. ومع ذلك -وكالعادة المتبعة- تطرح الاستراتيجية الأمور إعلامياً بأن بايدن لا يؤمن بالحلول العسكرية وسوف يسحب تأييده للعمليات العسكرية ضد اليمن. لكن حتى يومنا مايزال القصف والعدوان والقتل والتدمير والحصار مستمراً، بالرغم من استراتيجية بايدن وطرحها إعلامياً وبقوة، وقف العدوان وإحلال السلام في ربوع اليمن، كما لو أن إدارة بايدن ليس لها هَمّ سوى إحلال السلام في اليمن وتكريس جهودها وسلاحها ووجودها وعقيدتها وأهدافها وخططها واستراتيجيتها ورجالها ومن يدور في فلكها من أجل هذا الهدف السامي، كل الكلمات المنافقة والكاذبة والتصريحات الدبلوماسية المراوغة والمعلنة التي يطلقها وزير الخارجية الأمريكية والتي لا معنى ولا ملامح ولا مؤثرات فعلية لها على أرض الواقع.
إحلال السلام في اليمن، والمقصود طبعاً إحلال المشروع الأمريكي، أي الاستسلام وليس السلام الحقيقي والعادل. بكل تأكيد الشعب اليمني لن يرشى اللحظة التاريخية كي يتمكن من الهرولة نحو الاستسلام والابتعاد عن الواجب المقدس والمصيري بعد كل تلك التضحيات والصمود الأسطوري، ولن تخدعه استراتيجية ينخر الشك في حقيقة ما تدعيه وتكرس اليقين العدواني، وكل التحركات الدبلوماسية والسياسية تؤكد أن أمريكا هي العدو الحقيقي والمخطط للعدوان والتحالف الكوني، وتلك الحروب بالوكالة هنا وهناك كلها تحت تاج أمريكا ونجومها الزرقاء.
أمريكا عدو للإنسانية، بنظامها العالمي البشع لتدمير الأممية، تدمير أي مقاومة لنظامها أو بروز قوى معارضة جديدة قادرة على منافستها، وكأنما العالم بأسره بات مرشحاً للعب دور "العدو" المطلوب.

أترك تعليقاً

التعليقات