ثقافة الديناصورات
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
مرحلة رمادية هذه التي يعيشها حتى الآن ديناصورات الثقافة، التي جعلت من الخيانة الوطنية وجهة نظر قابلة للنقاش، ودفعت الكثير من المثقفين المهترئين إلى تبرير الوقوف مع العدوان، والدعوة أيضاً إلى الأفكار التي تتماهى مع الاتفاقيات الوهمية.
عجز فكري وانغلاق أيديولوجي ومقولات فارغة، لا حظ لها من الوطنية والثقافة الإنسانية والدعوة إلى إحكام العلاقة بين الذات والفكر والحقيقة، وهي باختصار راية أيديولوجية للارتزاق، وخندق يتمترس به الخونة والضعفاء والمتخلفون عن الركب الوطني والثقافة الإنسانية، والذين لا يقوون على التحدي ولا يملكون مقومات المجابهة، يتسترون على العدوان وغزو الغير والسيطرة عليه ونهب ثرواته.
ديناصورات يعانون من قصور عقلي وخواء فكري وثقافة مصابة بعسر هضم في عقلها وإحساسها ومشاعرها الوطنية، وبطانة وجدانية تغلف خطاب الارتزاق بالوطنية والمواقف الزائفة.
البون شاسع بين الثقافة الحقيقية الوطنية الملتزمة بالموقف الثابت المنتمي للوطن والإنسان، وثقافة الهرولة التي لا تصل إلى أي هدف وبدون قضية ومشروع وطني، ولا تستنبط حلولاً لمشاكلنا ولا تخلق أدوات نواجه بها التحديات والأخطار المحدقة بنا.
ثقافة زائفة لا تفضي إلى تغيير العقول ولا تقود إلى الحرية ولا تتيح للإنسان المتعطش للمعرفة الارتواء الثقافي وحقوقه الوطنية والإنسانية. ثقافة لا تستجيب لكل ما يحتاج إليه الإنسان في مواجهة ما يضني عقله وما يثير قلقه إزاء الانحرافات الجامحة المتصلة بأوضاعه الحياتية والمصيرية على حد سواء، والابتعاد عن الهرولة إلى أحضان العدو، وتلك هي مهام الثقافة الوطنية، وبدونها تصبح الثقافة برمتها ضرباً من الترف نوعاً من الرياضة الذهنية أو تدليكاً ذهنياً يقينا من الخرف المبكر.
الوقوف مع العدوان عمل إجرامي وخيانة عظمى مسلمة، وهذا محل إجماع ولا يحتاج إلى نقاش وجدال. ولأنها دعوة صريحة مغلفة بضباب الأيديولوجية ومحكومة بإرادتها، وأيضاً لتجاهلها عمداً العدوان ومقاومته، بحجة أن هناك «عدواناً داخلياً».
ثقافة لا تزيد عن كونها أوهام مثقفين، وهنا لا ينفع النقاش، فالدعوة صريحة وتلغي كل نقاش وتجعل منه حوار طرشان. دعوة تدشن عهداً جديداً للوصاية والتبعية، وتحول وطننا إلى غابة للديناصورات، غابة موحشة بائسة يسودها العنف والإرهاب والعصبية والخواء الثقافي، وفرض ثقافة أحادية، وبالتالي الإنسان ذي البعد الواحد. ثقافة تلون حياتنا بلون واحد وتهيئ لنا مستقبلاً بائساً، وتدعم طغيان الأقوياء. لذلك يجب على الجميع، جميع من لا صوت لهم ولا صورة، أن يتحدوا معنا ضد البشاعة المجانية، ويقولوا: لا.

أترك تعليقاً

التعليقات