الوطن وطن الجميع
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا

الوطن هو الهدف والغاية والسيادة، منبع الخيرات والأمل والكرامة، والدرب الممتد إلى فضاءات الحرية، والعدل، والمساواة، والصرح الذي تبنى عليه الطموحات والآمال، وهيكل العمل الوطني بأبعاده الواسعة والكاملة، وتصب فيه كل الجهود والاجتهادات، وطن غير مشروطة هويته بمصالح فئة اجتماعية مهما كان حجمها وضجيجها، تهون التضحيات في سبيل عزته وكرامة أهله، يتلهف الوطني الشريف والمنتمي الصادق والشرعي الحقيقي لحمايته، وإعماره، وتقدمه والدفاع عنه، لا الموافقة على قصفه وتدميره وخرابه، والتحالف مع العدوان على احتلاله واغتصاب ثرواته وإلغاء قراره الوطني، وطن تتكسر كل محاولات التصدي لإرادة شعبه وحقه في صياغة مستقبله وفق ما يحقق أحلامه وآماله، وطن لا يتأرجح فيه المصير بين شرعية فاسدة دموية أداة للمشروع الأمريكي- السعودي، وبين التعصب لمنطقة أو مذهب أو طائفة أو حزب سياسي مهما كانت قوته وشعبيته، وطن غير ملتبس وضد التعصب مهما كانت هويته، وطن يرفض الإلحاق والاستغلال والعبودية، ويرفع شعار العداء لأمريكا قاتلة الشعوب الحرة، وأداتها إسرائيل، عدونا في الماضي والحاضر والمستقبل، نحن من يملك الشرعية نقف بانحياز تام إلى جانبه وأحقيته في ألا يسوق ترابه وأهله إلى سوق النخاسة، وشبق السلطة وتشعباتها، وبريق المال المدنس والمشروط بالخيانة والسباحة في الاتجاه المعاكس لسيل الجماهير، وتمزيق الوطن وبلقنته وصوملته، وغيرها من المسميات التي تقوم على خراب الأوطان ودماء الشعوب. 
ثورة أيلول انبعاث حقيقي لآمال عريضة وحياة يمنية واعدة بالخيرات، انبعاث حقيقي لإرادة الإنسان اليمني وحقه في تقرير مصيره.
ثورة أيلول بكل محاولاتها الصادقة والجادة لإيقاف نزيف الدم اليمني والسير في طريق الحرية والعدالة واستقلالية القرار، ووحدة الأراضي اليمنية، وتطبيق الديمقراطية، والمشاركة في الحكم، والخروج إلى متسع وطني رحب لتحقيق المواكبة لكل ما تقتضيه المصلحة الوطنية والأهداف اليمنية الكبرى، تلك الثوابت جعلت من ثورة أيلول مشاكسة ومتمردة على الأوضاع السائدة في المنطقة، ويجب قمعها بالقصف المتواصل ليل نهار، والحصار الخانق لرفضها الوصاية، وتقديمها معادلة جديدة ومشروعاً مغايراً ومختلفاً وأسلوباً في الحكم خارج نطاق خدمة الاستعمار والتبعية للمشروع الأمريكي - الصهيوني وأدواته، والترتيبات الدولية الامبريالية للمنطقة. 
القوى التي تدعي الشرعية، والتي أوصلت الوطن إلى الدرك السحيق من القنوط والتشاؤم والخراب، هي أكثر دناءة وانحطاطاً وعدائية من تحالف العدوان، لكونها السند والمبرر والغطاء لشرعنة العدوان وتنفيذ مخططاته لإحداث شرخ كبير في البنية الوطنية، وخلق تناحر وتقسيم الوطن إلى مربعات تدار فيها الصراعات الدموية غير المجدية، وهتك العرف الإنساني والمفهوم الحضاري القائل (بأن الوطن وطن للجميع) بتلك الصراعات الكارثية الرهيبة التي عصفت بكل مقدرات الوطن وبكل القيم والمبادئ بتحالفها مع عدو دموي لاإنساني يستمتع بتلك المناظر الكارثية التي شملت جميع مناطق اليمن. 
هل يدمر الإنسان ملكيته، ويتحالف مع قوى خارجية استعمارية، ويوافق على قصف ودمار وطنه وأهله؟ وهل الشرعية هي التنازل عن الكرامة، والسيادة، والقرار الوطني، وثروات ومصالح الوطن؟ هل الانتماء الوطني مجرد وثائق ورقية وجواز سفر، أم احتضان الوطن والدفاع عنه والحفاظ على سلامته ومصالحه من أي مخاطر تتهدده؟ 
وفي ضوء هذا المنطق والثوابت، تعتبر المصالحة مع الذات هي مصالحة مع الوطن.

أترك تعليقاً

التعليقات