ترامب وهيبة أمريكا
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
عندما ينتهي العمر الافتراضي، سواء لأنظمة الحكم أو للدول، العظمى منها والإمبراطوريات على حد سواء، فإن مؤشرات التهاوي والسقوط تبدأ بالوضوح شيئاً فشيئاً وتزداد وضوحاً مع مرور الزمن. وما يحدث للإمبراطورية الأمريكية وما نراه ونلاحظه ويلاحظه العالم اليوم لم يعد مؤشرات للسقوط، بل تجاوز ذلك إلى أكثر من مجرد مؤشرات أو إرهاصات أو مقدمات، إلى المرحلة الأولى من السقوط الفعلي لأمريكا كإمبراطورية، فالمؤشرات كانت قبل هذه المرحلة التي تمثلت في انكشاف الوجه الحقيقي القبيح لأمريكا اللا قيمي واللا أخلاقي واللا إنساني والذي كان مغلفاً بادعاءات زائفة لما سمي بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والآن تعيش مراحل السقوط واقعاً.
لقد كانت تجليات الانكشاف الأمريكي هي جرائم الإبادة التي قادتها أمريكا والصهيونية الأمريكية الغربية على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على مدى خمسة عشر شهراً ونيف لتبدأ مع ترامب العائد من صفعة القرن الأولى التي تلقاها في عهده الأول للبيت الأبيض لحكم أمريكا مجدداً، ففي عهده الأول كان يمثل وبكل واقعية الشيخوخة الأمريكية التي تحلب أبقارها (أدواتها) لتبقي نفسها على قيد الحياة كإمبراطورية مؤقتاً، وتم له ذلك من خلال ما قيل إنه سياسة الصفقات، ليعود هذه المرة بأفكار لا منطقية ولا عقلانية وليس فيها الحد الأدنى من السوية، وفيها من الخرف والتهاوي والسقوط ما يجعل أمريكا تفقد مكانتها وتسقط في نظر العالم.
إن ترامب العائد للبيت الأبيض لم يأت لإعادة الهيبة لأمريكا، وإنما ليقضي على ما تبقى منها، إن كان هناك من بقية لهيبة ولا أظن، ومن خلال تخبطه وغبائه وعدم احترامه لنفسه ولبلده وشعبه يسوق أمريكا إلى مصير محتوم ولن يحولها من إمبراطورية إلى دولة عظمى وإبقائها كذلك، بل سيحولها إلى دولة غير محترمة، فما يحمله من أفكار هذيانية والبعيدة عن الواقع والمنطق والسوية جعلت منه مهرجاً وأقل من ذلك، وإذا كان هناك من دولة عميقة في أمريكا فستجعل منه كيندي، وإن لم فسيكون غورباتشوف أمريكا وسيؤدي بأمريكا إلى المكانة التي تليق بها. هذه سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا.
أخيرا، فإن غزة وأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذين لم تستطع أمريكا ومعها كيان الاحتلال وجُل دول أوروبا الاستعمارية وأنظمة عرب وأعراب وما تمتلكه من سلاح ومال ونفط ونفوذ طيلة 15 شهرا من العدوان وجرائم الإبادة بالسلاح والحصار والتهجير والتجويع وعجزت عن تهجير فلسطيني واحد خارج قطاع غزة لن يستطيع ترامبها بتهريجه وإطلاق تهديداته وكلماته والفقاعات الفارغة أن يُهجّر أحدا، وأقصى ما يمكنه فعله هو تدمير أمريكا ذاتها، لا هيبتها، وخروجها بكل قواعدها من المنطقة، ثم خروج كل المستوطنين الصهاينة من فلسطين وعودة الأرض الفلسطينية لأبنائها. وبعون الله فإن الإيام القادمة ستكشف ذلك، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.

أترك تعليقاً

التعليقات