«شرق أوسط جديد» ولكن...!
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
«الشرق الأوسط الكبير» أو «الشرق الأوسط الجديد» أو «صفقة القرن» أو «الإبراهيمية»، وما قبلهما وما سيأتي لاحقاً، الفكرة واحدة والمعنى واحد، والمخطط والمشروع واحد، وإن تعددت التسميات، على مر الزمن تستمر المحاولات، وإن كانت تسمية «الشرق الأوسط الجديد» هي الأقدم زمنياً، حيث بدأت هذه الفكرة والمخطط على يد المستشرق المؤرخ اليهودي الصهيوني البريطاني الأصل «بيرنارد لويس» عام 1980م، صاحب النظرية القائلة بأن «استعمار الشعوب العربية هو نعمة لهم تخلصهم من آفة الجهل والتخلف التي زرعتها الأديان السماوية، ولاسيما الإسلام»، أي أن الإسلام هو المستهدف الرئيس.
وهذه الفكرة مفادها تقسيم ما يسمونه «الشرق الأوسط»، وهي الدول العربية المقسمة سابقا بما يسمى باتفاقية «سايكس بيكو» 1916، وإعادة تقسيمها من جديد على أسس إثنية عرقية وطائفية ومذهبية إلى دويلات صغيرة ضعيفة، والهدف من ذلك هو تحقيق حلم كيان الاحتلال الصهيوني بما يسمى «إسرائيل الكبرى» من الفرات إلى النيل، والسيطرة على الأماكن الغنية بالنفط والثروات، ويبدأ هذا المخطط باستهداف الدول بحروب ونزاعات لإضعافها حتى تعجز عن التعافي، فيأتون بالحل التقسيمي لها، وقد نجح هذا في السودان وإلى حد ما في العراق وليبيا، والدور الآن على سورية ثم مصر والسعودية وصولا لتقسيم 18 دولة.
إن تحقيق «إسرائيل الكبرى» ليس بما احتلته من فلسطين وسورية ولبنان عامي 1948 و1967 فقط، وإنما بما تقضمه وتحتله من أراضي الدول العربية المستهدفة بعد إدخالها في فوضى كما في ليبيا وما يحصل الآن في سورية. ومن المضحك المبكي أن دولاً عربية مستهدفة بالتقسيم شاركت الأنجلوصهيوأمريكي في تنفيذ هذا المخطط في السودان والعراق وليبيا، وتشاركه الآن في سورية. والأغرب أن «سلطة أوسلو» تشارك كيان الاحتلال في ضرب واستهداف المقاومين من أبناء شعبها في الضفة الغربية لتثبت للكيان ولاءها وأنها تتحمل عنه عبء مواجهة أبناء شعبها.
لا يوجد ثمة من أنظمة الدول العربية المجاورة لفلسطين والمطبعة سراً أو علناً مع كيان الاحتلال من يمكن أن يواجه صلف الأنجلوصهيوأمريكي وإجرامه ومواجهة هذا المشروع الذي يستهدف الأمة كل الأمة، وهي الغارقة من رأسها لأخمص قدميها في الخيانة لشعوبها وشعوب أمتها وبعمالتها للأنجلوصهيوأمريكي، وضالعة في شراكتها له في تنفيذ مشاريعه فيها، ولا تعويل على هذه الأنظمة وليست كل الشعوب مهيأة، أقله الآن، للتحرك في مواجهة هذا المشروع لاستهدافها بالتجهيل والتغييب حيناً وقمعها وتخويفها في أحيان كثيرة.
وأخيرا، فإن هذا لا يعني أبداً أن مشروع «الشرق الأوسط الجديد» سينجح، وإنما هذا التحرك من قبل الأنجلوصهيوأمريكي ومعه المستعمر التركي وصهاينة العرب قد يزيد العبء على الشعوب المقاومة في الأمة، على رأسها الشعب اليمني العظيم، في إفشال هذا المشروع الذي لن ينجح أبداً وهناك شعب واحد من شعوب الأمة أو جزء منه مقاوم أو حركة واحدة أو ثلة ترفض وتقاوم، فالنصر للمقاومة ومجاهديها، وعد من الله لعباده المؤمنين، والزوال الحتمي لكيان الاحتلال ومن معه، والله غالب على أمره.

أترك تعليقاً

التعليقات