شراء الخيانة بالنفط
 

د. مهيوب الحسام

أن تدفع المال لتجنيد عملاء، فهو أمر مفهوم، ومتعارف عليه، وهو ما تقوم به كل الأنظمة، والدول، قديماً، وحديثاً، ويوكل لأجهزة الاستخبارات، وأن تجد عميلاً يجند نفسه دون مقابل لصالح دولة أخرى، فهو أمر وارد، وغير مستبعد، ويمكن تفهمه إن رددناه لتوافق فكري أو ارتباط عقائدي، أو لقناعة بإيقاف التغول في الظلم أو لحدٍّ من أذى، ورغم ذلك فقبول معالجة ذلك من بوابة الخيانة، ومحاولة خلق أعذار لمن يتبرع بالخيانة، فهو العذر الأقبح من الذنب، ورغم أنه لا مبرر له، إلاّ أنه يحصل، لكن الأمر الغريب، وما لا يقبله عقل ولا منطق، لعدم سوَّيته، ومجافاته للفطرة السليمة، هو أن يدفع الناس أو الأنظمة أو الدول أموالهم، وثرواتهم، لقاء القبول بهم في صفوف العملاء والخونة المخلصين، كما هو حاصل مع ملوك، وأمراء كيانات خليج الزيوت، وعلى رأسهم كيان (بني سعود) القائم بعدوانه المباشر على اليمن وشعبه منذ العامين، وغير المباشر على سوريا، وليبيا، والعراق، والبحرين، وغيرها، وكيلاً عن سيده الأصيل (الصهيوأمريكي).
والأسوأ من ذلك أن ما يدفعه هؤلاء الملوك والأمراء لذاك الأجنبي المستعمر عدو الله وعدو شعوبنا، من أموال، وثروات، هي ليست ملكاً لهم، بل هي ملك للشعوب وللأمة، وهذه كارثة أخرى.
ولأجل إثبات ولائهم، وموالاتهم له، يقومون بتنفيذ كل ما يطلب منهم، وفوقه الدفع بما ليس لهم، لإثبات الولاء ونيل الرضا، وهنا يثبت هؤلاء الميابلة مرة أخرى، أن ليس لهم عقول يفكرون بها، ولا انتماء وطني يعتزون به، ولا كرامة تردهم، ولا عزة تردعهم عن خسة وسفالة جبلوا عليها، فهم ونوقهم سواء، وتُفَضَّلُ النوقُ عليهم درجة لحليبها ومنافعها للناس، بينما لا يأتي منهم سوى الضرر.
ومن يتأمل فعل هؤلاء، ويدقق قليلاً فيه، قد لا يستغرب ذلك منهم، لسببين هما أن تلك الكيانات قد صنعت على الخيانة، ومن أجلها وجدت، وتغذت بها جنيناً، ورضعتها وليدة، وعليها تحيا، وعليها تموت، ولا تعرف شيئاً سوى خيانتها، وعمالتها، وتبعيتها للمنشئ. ولا غرابة في ذلك، فمن سُلِب قراره، سلب شرفه، وأرضه، وعرضه، ولا إرادة له، ولا فعل، وهذه الكيانات هي أدوات للمستعمر، والأدوات غير فاعلة بذاتها، وقد نشأت على ذلك، وإن نالت بعض حرية أو كرامة، تموت لعدم تعودها عليها، وعدم معرفة معناها، ولو أدركت لتخلص منها صانعها، وهي ليست سوى كيانات انغماسية للأصيل، ولا وظيفة لها سوى تدمير الأمة، فهي سرطان بجسمها زرعت، وبسبب إيغالها، وسيدها في ظلم الشعوب، وقتلها الناس دون ذنب، ولا وجه حق، أنهت عمرها الأخلاقي، مؤذنة بقرب انتهاء عمرها الافتراضي فعلياً، وزوالها عما قريب، ومن الشام واليمن تحديداً، وهذا أمر ماثل أمامنا، ويتحقق، فمن يُمعنُ في عدوان كيان (بني سعود) على اليمن، الذي قارب إتمام عامه الثاني، يرى ذلك بوضوح، فرغم كل ما نحن عليه من تعرضنا للعدوان، والحصار الذي لم يسبق أن تعرض لمثله بلد في العالم قبلنا، إلاّ أننا أقوى من ذي قبل، ورغم كل ما هو عليه كيان العدوان، وحلفاؤه، وما هو فيه، فهو أضعف من ذي قبل، وأوهنُ مما كان عليه بداية عدوانه، فنحن في كل المواجهات والمنازلات نصبر، نثبت وننتصر، وهو يهزم، يستهدف كل شيء في بلدنا، ولا نستهدف إلا مواقعه العسكرية فقط، ومن يفر من جنوده فهو آمن، يسقطون أخلاقياً ويخسرون، ونربح.. بغوا علينا وصبرنا، وإنا لمنتصرون.. قال تعالى: (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) (الشورى: 39).
إنها كيانات أدمنت العمالة، والخيانة، وتريد نقل مرضها لكل جسم صحيح في الأمة، ولا نستغرب غداً إن طلبت مقابل اسم الشهرة من نظام ينشأ في ليبيا مثلاً. كيانات كهذه بقاؤها مفسدة للأمة، ولعنة التاريخ في جبينها.
التحية للجيش واللجان الشعبية، وللجيش العربي السوري، والقائد بشار الأسد.. الرحمة والخلود للشهداء.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. اللعنة على أنصاف الرجال.. الموت للعدوان والخونة.. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات