د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
بعد انتقاداته في كل حديث أو لقاء لسلفه بايدن ووصفه بالغبي بمناسبة أو بغير مناسبة، والتحدث عنه بنوع من الازدراء والسخرية وتحقيره، ووصف نفسه بـ«الذكاء»، كنا نتوقع من الرئيس الأمريكي ترامب قرارات أوعى وسلوكيات أرقى وتحركات مغايرة تجسد «الذكاء» الذي يدعيه، وتخالف ما سلكه الأولون من قبله، أو تحاول إخفاء بعض ما ظهر من سوأة وقبح أمريكا، أو محاولة القيام بعملية تجميل لذلك؛ لكنه، وللأسف، لا هذا تم ولا ذاك، وعلى ما يبدو أنه الخرف الأمريكي لا أكثر ولا أقل، وأن التصريحات المتضاربة والقرارات غير الحكيمة وغير المدروسة هي أول الغيث.
إن الغباء بالفعل هو أن تنتقد الأفعال الغبية وتأتي مثلها، وأن تنتقد السلوك الغبي وتسلك السلوك ذاته وتقع فيما هو أسوأ، وترامب لم يسلك السلوك الغبي ذاته الذي سلكه سلفه، بل ذهب إلى ما هو أسوأ، فهو رغم ترؤسه لأمريكا ومعاصرته لرؤساء، ورغم «الذكاء» الذي يتشدق به، فإنه يذهب إلى تجريب المجرب من الفشل والهزيمة، ويتخذ قراراً بالعدوان على اليمن، والذي لن يجني منه إلا فشلاً أكبر وسقوطاً أسوأ وهزيمة أقسى وعاراً وخزياً أعلى مما جنته إدارة سلفه بايدن من قرارها العدوان على اليمن، وأعلى أيضاً مما جناه وإدارته في فترة رئاسته الأولى قبل بايدن.
إن هذا «الذكاء» الذي يتمتع به اليوم ترامب ويبديه في ولايته الرئاسية الثانية هو نتيجة كم المهارات التي اكتسبها والخبرات التي راكمها، وهو ما أهله اليوم للذهاب إلى حيث ذهب الغبي بايدن، مع العلم وللتذكير فإن ترامب «الذكي» هذا قد عمل على قيادة الحرب العدوانية على اليمن خلال أربع سنوات، ولم يكن لوحده، بل معه حلفاء كثر وأدوات تنفيذية إقليمية بما لديها من نفط وغاز ومال وثروات بها تنفق على الحرب، وبها تشتري أسلحة وقادة وقرارات وذمماً ومواقف ونفوذاً وأحلافاً وجيوشاً من المرتزقة من كافة أنحاء العالم، وكذلك شركات أمنية متعددة الجنسيات والأسماء والعناوين والمهام؛ ولم يخفق فحسب، بل وهُزم.
نعم، إن سلفه بايدن الذي يصفه بالغباء قد أخفق بقرار عدوانه على اليمن دعماً وإسناداً لكيان العدو الصهيوني وإمعاناً في جرائم إبادة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأفقد أمريكا هيبتها وقوتها وما بقي من  احترام لها؛ ولكن ترامب «الذكي» في سلوكه وقراراته لم يبدأ من حيث انتهى سلفه الغبي، وإنما بدأ من حيث بدأ سلفه، ويطمح لأن ينتهي إلى غير ما انتهى إليه سلفه، وهذا ما يمكن أن يكون مصطلحاً جديداً ويسمى بـ«ذكاء الغبي»، والذي قد يصدف في بعض الأحيان، وترامب بـ«ذكائه» هذا ربما قد يبقي أمريكا كقوة عظمى؛ ولكن غير محترمة. وبعون الله فإن الهزيمة الأمريكية حتمية في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات