الكيان بعد الطوفان
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
لم تكن عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يوماً عادياً على كيان العدو الصهيوني ولا على مشغله الأمريكي وداعميه من صهاينة الغرب والعرب والأعراب، لا في وقعه والصدمة والرعب الذي أحدثته على هذا الكيان، ولا في تأثيراته على المدى المتوسط والبعيد.
فمن قوة وهول الهزيمة وشدة الزلزال الذي ألحقته العملية بهذا الكيان المؤقت والدخيل على الأمة، لم يعد ومنذ عام ونيف يستطيع أن يستوعب ما حدث له وكيف حدث، فما حدث أفقده التوازن ودفعه للقيام بتصرفات هستيرية غير محسوبة النتائج والعواقب، ولا يزال يتصرف بدافع الانتقام والثأر لهيبته التي فقدها وردعه المدمر وغروره الساقط أمام ناظريه.
وما يرتكبه هذا الكيان من جرائم القتل وجرائم الإبادة الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بدواعي الانتقام والثأر والحقد، قتل ومجازر ومحارق وإجرام غير مسبوق على مدى أكثر من عام، لم ولن يوصله إلى تحقيق أيٍّ من الأهداف التي وضعها لعدوانه، وحرب الإبادة التي يمارسها بحق أبناء غزة ثم لبنان، وبالإجرام ومزيد من القتل لن يستعيد الكيان هيبته ولا ردعه، لأنه مع كل قطرة دم تراق من أطفال ونساء غزة يفقد الكيان أمانه وإمكانيات وعوامل بقائه على الأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان.
إن لهاث كيان الاحتلال الإجرامي المؤقت وراء الانتقام والثأر لهيبة فقدها وفقدتها معه قائدة معركته أمريكا وكل الدول والأنظمة الداعمة له، ومواصلته لجرائم القتل والإبادة بحق مئات آلاف المدنيين العزل من الأطفال والنساء في فلسطين ولبنان بكل هذا النهم الذي لا يمكن إشباعه، لن يجعل هذا الكيان ومن معه ينتصر أو يحقق ولو بعض أهداف عدوانه وجرائمه، إنما وبشكل حتمي ستذهب به إلى قتل ذاته بيده وأيدي المؤمنين المجاهدين الصابرين الثابتين المواجهين له ولبطشه وإجرامه، ومن ثم تفككه وزواله. هذه هي سنن الله، وهذا هو وعده لعباده بالنصر، ولن يخلف الله وعده.
وأخيرا، فإن ما عجز كيان العدو الصهيوني عن تحقيقه ومعه الأمريكي والغرب عموما وكثير من أنظمة العرب والأعراب منذ «طوفان الأقصى» وحتى اليوم لن يستطيع تحقيقه في قادم الأيام، بل إنه وبدلاً من استعادة أسراه سيضيف إليهم أسرى جدداً، وبدلا من إعادة مهجريه فإن التهجير سيزداد ويتضاعف، كما ستزيد الهجرة نحو الخارج بشكل متسارع، وعزلة وانهيار الكيان ستستمر وتتفاقم، والمقاومة تزداد قوة وبأسا، ووحدة الساحات باقية وتتجذر وتترسخ، ومثلما أدخلته عملية الطوفان حالة رعب وانهيار متفاقم سيتم معالجته بالمزيد منه من قبل أصحاب الحق والأرض أو سيضطر الكيان ذاته لإنهاء حالته بموت رحيم في نهاية المطاف، لأنه يريد أن يحقق نصراً بموجبات الهزيمة وهو يحقق زواله بالتدريج، «ولينصرن الله من ينصره»، «وكان حقاً علينا نصر المؤمنين».

أترك تعليقاً

التعليقات