صفقة بلا قرن
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / #لا_ميديا -

ما بين وعد بلفور البريطاني في 2 نوفمبر 1917 الذي وعد فيه اليهود بمنح بريطانيا وطنا قوميا لهم في فلسطين والتي عملت على تحقيقه في العام 1948، وبين وعد ترامب الأمريكي المسمى "صفقة القرن" والمعلن في 28 يناير 2020، مئة وثلاثة أعوام وفيه يعد اليهود بمنحهم ما تبقى من أرض فلسطين خارج سلطتهم ومن ثم استكمال تصفية ما يسمى القضية الفلسطينية!! والسؤال هو: هل ينجح وعد ترامب كما نجح وعد بلفور؟
والجواب: لا، لأن هذا الوعد ولد ميتا! ولأن هذا المشروع الصهيوأمريكي الاستعماري الذي تم إعداده للمنطقة العربية والذي يهدف لتثبيت كيان الاحتلال الصهيوني في كل فلسطين واعتباره كيانا طبيعيا، وتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء حقوق هذا الشعب في الحرية والاستقلال والسيادة على أرضه وترابه الوطني بل واقتلاع من تبقى من هذا الشعب الذي لم يتم اقتلاعه من أرضه في العام 1948، وليس ذلك فحسب بل يفرض على الدول العربية وعلى رأسها مصر تعويض الفلسطينيين بأراض مصرية في سيناء. هذا المشروع المسمى صفقة القرن يمكن أن ينجح مؤقتا مع سلطات وأنظمة دول الخضوع والخنوع والهوان والذلة العربية من مصر للأردن لكيانات وبالأخص كيانات أعراب الخليج.
أقصد أنظمة لا شعوباً، وإن نجح هذا المشروع ورقيا كصفقة مع هذه الأنظمة، ولكن دون قرن لأن هذا هو قرن الشعوب وتثبيت حقوقها المشروعة في الحرية والسيادة والاستقلال والعيش الكريم.
فلم يعد لهذه الصفقة من قرن سوى قرن الشيطان الذي كسره الشعب اليمني العظيم بقيادته العظيمة من خلال صموده وصبره وثباته على الحق وجهاده في سبيل الله وما يحققه من انتصارات العظيمة.
لذلك فإنها صفقة فاشلة. ومن علامات فشلها:
 • لم تعد الدول العربية رازحة تحت الاحتلال البريطاني الفرنسي، وإن كان كثير منها تحت الوصاية والسيطرة الصهيوأمريكية من مصر إلى الأردن وكيان بني سعود وقطر والإمارات والبحرين... الخ.
• لم يعد الشعب الفلسطيني لوحده، بل معه محور المقاومة من صنعاء إلى دمشق وبيروت وبغداد إلى طهران.
• إن أمريكا ترامب لم تعد في أحسن أحوالها ومعها كيان الاحتلال الصهيوني، وكذلك هو الحال بالنسبة لأدوات أمريكا في المنطقة.
لن تكون نتائج هذه الصفقة سوى سقوط الإمبراطورية الأمريكية وزوال الكيان الصهيوني وانهيار واندثار الكيانات الأعرابية التي صنعها الاستعمار البريطاني في قلب أمتنا وقلب منطقتنا العربية.
ومن ينظر إلى تصرف صاحب الوعد والصفقة وسلوكه المتخبط وغير المتوازن وغير المتزن والدوار الذي يعيشه والذي يظهر في عشوائية القرار والهادف لمحاولة ترقيع فشل مشاريعه يرى الفشل الذريع لهذا المشروع حتى وإن وافقت عليه أنظمة كياناته من عرب أو أعراب فشعوب الأمة هي وحدها صاحبة الحق والقرار، وهي التي لها القول الفصل، وكل ما يبنى على الباطل فهو باطل، والوعد الإلهي يقول: "كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساد والله لا يحب المفسدين".

أترك تعليقاً

التعليقات