ما وراء تفجير مرفأ بيروت؟
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

تفجير مرفأ بيروت بهذا الحجم وفي هذا التوقيت ليس حادثا عرضيا أو مصادفة، بل مخطط صهيوأمريكي دولي مدروس ومنظم، وما يؤكد ذلك ردود فعل وتصريحات الأطراف الدولية الضالعة وأدواتها الإقليمية وأياديها المحلية.
إن مواد التفجير "نترات الأمونيوم" لم تدخل إلى مرفأ بيروت اليوم، ولكنها وصلت أواخر العام 2013م، وهي متجهة للجماعات الإرهابية في سوريا، وتم إدخالها إلى المرفأ بواسطة أياد في الداخل، وتم تخزينها منذ ذلك الحين إلى اليوم لهذا الغرض، وما اتهامات سفير الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة في العام 2019م لحزب الله باستخدام مرفأ بيروت لإدخال السلاح ـ والتي نفاها ورد عليها قائد المقاومة اللبنانية بنفسه ـ إلا مقدمة واضحة لما حدث، وما قد يستتبعه من تدويل لمرفأ بيروت.
إن ما عجل بهذا التفجير هو ما يعيشه الصهيوأمريكي من مآزق داخلية وتهديد وجودي جدي، والخوف مما ألمح إليه وصرح به كل من رئيس الحكومة اللبنانية وأبو هادي قائد المقاومة عقب الأزمة الاقتصادية المفتعلة في لبنان، باللجوء إلى الصين والتعامل معها للخروج من الأزمة التي يقف خلفها الصهيوأمريكي والبنك الدولي وفرنسا قائدة ما يسمى "الفرانكفونية"، والشروط التي وضعوها لدعم الاقتصاد اللبناني كالنأي بالنفس، وهو ما يعني أن تلتزم الحكومة بالوقوف ضد المقاومة "حزب الله".
إن إدخال هذه المواد المتفجرة بهذه الكمية (2750 طناً) وتخزينها في المرفأ ولمدة 6 سنوات، يطرح علامات استفهام كبيرة رغم أنها مادة تستخدم في التسميد الزراعي، وكان يمكن للسلطات إخراجها واستخدامها، أما إبقاؤها مخزنة إلى الآن ليتم تفجيرها وتوظيف هذا الحدث ليس ضد الفاعلين الأساسيين ومن يقف خلفهم، بل ضد حزب الله والمقاومة اللبنانية، فهذا ما يكشف خيوط المخطط المراد إنفاذه في لبنان دون الاكتراث بدماء الشعب اللبناني.
إن تصريحات بعض الشخصيات اللبنانية المرتبطة بالخارج وبمشروعه الهادف للتدويل وإسقاط السيادة اللبنانية عقب الانفجار، تظهر بوضوح أن التفجير هو مخطط خارجي يستهدف لبنان واستقلاله وسيادته وقراره الوطني، وكذلك حجم الاهتمام الدولي والإقليمي بتفجير بيروت المتجاوز التضامن مع لبنان وشعبه إلى التدويل ومحاولة كل دولة منها إيجاد دور لها ضمن التدويل والوصاية الدولية على لبنان، وهو المشروع الذي تقوده فرنسا.
لا ينفصل مخطط هذا التفجير عن مخطط اغتيال رفيق الحريري، بل هو امتداد له ومحاولة لتعزيز دور المحكمة الدولية المسيسة التي تشتغل عليه، ومحاولة استكمال تنفيذ ما تبقى من القرار الأممي (1559) ضد لبنان، فالمشروع واحد وإن تناوب اللاعبون الدوليون على تنفيذه، وإن تراجع الصهيوأمريكي خطوة ليتيح للفرنسي التقدم خطوة لمحاولة تنفيذ ما عجز هو عن تنفيذه، وهذا المشروع الذي فشل حينما كانت المقاومة أضعف من الآن بكثير، سيفشل حتما وبشكل نهائي هذه المرة، وذلك بفعل تغير الظروف كليا الآن عن الظروف حينها، أما إذا ما أظهرت التحقيقات اللبنانية ضلوع الكيان الصهيوني في هذا التفجير، فإن ذلك ينبئ بما يسوء الكيان ويجعله على شفا جرف هار، ويؤذن بتحقيق ما يخشاه الكيان فعلا.

أترك تعليقاً

التعليقات