مأزق أمريكا أكبر من فشل
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
ما تمر به أمريكا اليوم من تخبط واضطراب ودوار، وما ينجم عنه من غوغائية في السلوك وعشوائية في القرارات، ليس ناجماً عن فوبيا سقوط الإمبراطورية الأمريكية فحسب، بل وما تولد عن الهزائم المتتالية التي تلقتها وتتلقاها من أفغانستان إلى اليمن، أضف إليها المأزق الجديد الذي أدخلت أمريكا ترامب نفسها فيه مجدداً في البحرين الأحمر والعربي، والذي لم يأخذ العبرة من سنوات ولايته السابقة أو ما حاق بأمريكا في عهد سلفه بايدن وما جناه مما سُمي بـ»تحالف الازدهار» أو بالأحرى «تحالف الاندثار»، وما لحق بحاملات الطائرات الأكبر من «آيزنهاور»، ثم «إبراهام لينكولن»، وصولاً إلى «ترومان»... إلخ.
إن ما تتلقاه وما ستتلقاه الولايات المتحدة، بعون الله، في جولة عدوانها الترامبي الجديدة على الشعب اليمني، وجرعة الضربات التي ستنالها بوارجها وسفنها الحربية وحاملات طائراتها في البحر الأحمر، وما ستولده من اهتزازات، وما ستوجده وتضيفه من اختلالات تعمق الاختلالات في البنية والسوية الأمريكية الموجودة والمتراكمة منذ العام 2015، كفيلة بأن تسقط أمريكا كإمبراطورية وتحيلها لدولة غير محترمة، حتى وإن بقيت عظمى، وكفيلة بأن تجعلها دولة منبوذة بين دول وشعوب العالم أجمع.
هكذا تعود اليمن وعبر التاريخ أن يكون المثوى الأخير لكثير من إمبراطوريات الشر والإجرام التي نشأت على وجه الأرض، وأمريكا لن تكون استثناء، ولها عبرة في الإمبراطورية البريطانية التي تم دفنها في اليمن، ووقتها لم يك اليمن بهذا الوعي وبهذا الإيمان والمشروع وبهذه القيادة الواعية المؤمنة المجاهدة الاستثنائية في هذا الزمن الاستثنائي، ولم يكن الشعب بهذا الوعي وبهذه القوة والقدرة وبهذا العزم، والذي لا يرى أمريكا سوى قشة، وهو على الحق، وأمريكا ومن لف لفها على الباطل.
ما يحدث اليوم لأمريكا في اليمن، وخصوصاً في مياهه الإقليمية وما بعدها في البحر الأحمر وفي البحر العربي والمحيط الهندي وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط وإلى كل نقطة في فلسطين المحتلة، هو ليس فشلاً ولا إخفاقاً في تحقيق أهداف عدوانها المباشر، بل هو عجز تام عن حماية نفسها وسفنها الحربية وبوارجها وحاملات طائراتها، ناهيك عن حماية كيان العدو الصهيوني أو تخفيف الحصار اليمني البحري عنه أو منع ضربه في كل مناطق فلسطين المحتلة أو القضاء على قدرات القوات المسلحة اليمنية أو إضعافها.
لقد أدخلت أمريكا نفسها في مأزق حقيقي واستراتيجي في اليمن، ولن تسطيع معه الخروج دون هزيمة نكراء غير مسبوقة. فالشعب اليمني الذي يرفع ومنذ أكثر من عشرين عاماً شعار «الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل...»، يعتبر حضور أمريكا بنفسها إليه نعمة كبيرة من الله وفضلاً، ليحقق هذا الشعار واقعاً، وهو بعون الله يمضي في منازلتها حتى تغرق في اليمن، ويكفي أن تغرق في البحر، وما النصر إلا من عند الله. ولله عاقبة الأمور.

أترك تعليقاً

التعليقات