من محاسن العدوان!!
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
قد يستغرب البعض من عنوان المقال، ويتساءل: وهل للعدوان محاسن؟! نقول: له نعم، وهنا يحضرني بيتان من الشعر يقولان:
جزى الله الشدائد كلَّ خيرٍ
وإن كانت تغصصني بِريقي
وما شكري لها حمداً ولكن
عرفتُ بها عدوّي من صديقي
ورغم أن العدوان ظلم وإجرام وسوء وشر وجروح وآلام ومآسٍ، وهو مرفوض بحسناته وسيئاته؛ إلا أنه لا يمكننا إنكار أن له محاسن، ولو بالمعنى المجازي للكلمة، ويكفي أن هذا العدوان قد كشف لنا كثيراً من الحقائق التي لم نكن نعيها ولا ندركها قبله، ومنها:
أولاً: لولا هذا العدوان ما كنا لنكتشف أو نعرف أن السلطة التي حكمتنا قرابة أربعين عاماً كانت عميلة وجلها خونة لهذا الشعب وعملاء طيعون عبيد لأعدائه ويحكموننا بأمره وينفذون فينا وفي وطننا مخططاته ومشاريعه، وأنهم كانوا لا يمثلون شعبهم ولا وطنهم، وإنما كانوا ولا يزالون يمثلون أسوأ أعداء شعبهم ووطنهم، وما تحالفهم اليوم مع العدوان على هذا الشعب ومشاركته في العدوان عليه وقتله إلا امتداد لسلوك ماضيهم في عمالتهم لأعدائه وخيانتهم له.
ثانياً: لولا هذا العدوان ما عرفنا أن هناك جماعات ظلت تدعي الدين وتتشدق به وبقيمه، وضللت هذا الشعب ردحاً من الزمن، هي صناعة صهيوغربية تعمل بأمره، ولولاه ما كشفت عن وجهها القبيح ولا انقلبت على نفسها وشعبها 180 درجة بأمر سيدها وتوجيهاته، وظهرت بهذا الحقد على الشعب والكذب المفضوح عليه وتزييف الحقائق وتقوم بتسمية الحق باطلا والباطل حقاً والوطنية خيانة والدين كفراً والأخلاق تبعية والقيم ارتهاناً والخيانة والعمالة والارتزاق مقاومة.
ثالثاً: لولا هذا العدوان ما كنا لنكتشف حقيقة تلك الأحزاب التي ادعت القومية رافعة لافتة الحرية شعاراً للوعي، والعروبة قاعدة للهوية، والقومية جسراً للعبور إلى الوحدة العربية التي لن تتحقق إلا بمواجهة الرجعية العربية ومناهضة الصهيونية والاستعمار، وظلت تهيم بعشق الحرية والاستقلال والسيادة ثم طفقت تبيع الوطنية والقومية وذهبت لأحضان الرجعية العربية والصهيونية والاستعمار موالية له ومتحالفة معه ضد شعبها ووطنها.
وهكذا حال أحزاب تقمصت الاشتراكية العلمية تنشد العدالة والمساواة وتغنت بالثورية التقدمية والأممية والوقوف مع الطبقات والمجتمعات والشعوب المستضعفة مجابهة الإمبريالية والاستعمار والرأسمالية المتوحشة، لتذهب بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط المنظومة الاشتراكية تفتش في أقبية وسراديب ما يسمى الاشتراكية الدولية، أحد أوجه الرأسمالية، باحثة عن مبررات لبيع الشعب والوطن.
رابعاً: لولا العدوان ما عرفنا أن الحرية والديمقراطية الغربية تعني السيطرة على الشعوب ونهب ثرواتها ومصادرة حريتها واستقلالها، وأن القيم الغربية والانفتاح ليست سوى شذوذ ومثلية... إلخ، ولولاه ما عرفنا أن من باع فلسطين لـ»اليهود المساكين» كان خادماً للحرمين، وبالفعل قد يكون هذا مؤلماً، وهذه الهجمة العدوانية الاستعمارية على اليمن وشعوب الأمة بمساعدة الخونة قد تكون أشد إيلاماً وقسوة؛ ولكن المثل يقول: «الضربة التي لا تقتلك تقويك»، ولذا قد يكون بعد هذه الضربة صحوة وحرية واستقلال حقيقي، والله غالب على أمره.

أترك تعليقاً

التعليقات