قوميون في أحضان الرجعية
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا

لا بديل عن العزة إلا الذل، ولا بديل عن الكرامة إلا الهوان، ومن يتولَّ غير الله ورسوله والمؤمنين، فهو جزء أصيل ممن تولاه، ومن اعتز بغير الله ذل، وعليه يبدو أن زمن الكرامة لدى كثير من الأحزاب والتيارات والشخصيات والنخب، قد انتهى، وولّى إلى غير رجعة ذلك الزمن الذي كان فيه نوع من الحياء وتهيب المجاهرة بالسوء والقبح والتباهي بالخزي والعار والمذلة.
زمن كنا فيه نستحي إن ساورنا شك أن مثقفاً عروبياً مشبعاً بالقومية العربية، يصبح يوماً ما على النقيض تماماً، خائناً لكل ما يدعيه، ويغدو بلا قيم، بلا أخلاق، بلا ضمير، بلا إنسانية، بلا حياء. من كان يصدق أن قومياً عربياً ذا فكر عابر للطوائف والمذاهب والنحل والملل والعرقيات، الكافر بالقطرية الضيقة، وحدود (سايكس بيكو)، والمؤمن بفضاء أوسع اسمه وحدة الأمة العربية، أن يصبح من دعاة القطرية، بل يتحول إلى مناطقي، ويغدو ذلك الناصري القومجي رجعياً، ومؤيداً للاستعمار، بل ومن دعاته والمسبحين بحمده.
لقد ولّى ذلك الزمن، وصار وراء ظهورنا، وشيئاً من الماضي، وأصبحت الرجعية هي الناصرية واقعاً، وبتنا نرقب اللحظة التي فيها تعلن رسمياً، وتعرف فيها القومية بالمناطقية، وقد حصل وأصبحنا نعيشه فعلياً.. أما علمت أن كبار من كانوا ينظرون للقومية من عبدالملك المخلافي، وسلطان العتواني، وعبدالله نعمان... وغيرهم، باتوا ينظرون ويعرفون القومية بأنها المناطقية الضيقة، وباتوا اليوم لا يؤمنون بالقطرية، بل بالمناطقية، وينادون بتعز لتعز لا لليمن في ظل الخلافة، وباتوا لا ينادون بالخلافة الإسلامية، بل بالخلافة الاستعمارية، وبات سلمان هو قائد الفكر الناصري الذي يقودنا للتحرر من الوطنية الضيقة لفضاء دولة الخلافة الاستعمارية، والسؤال: هل هذا فكر وخط عبدالناصر في التحرر والاستقلال؟!
إن الناصرية لدى أولئك وأمثالهم غدت جزءاً أصيلاً من الاستعمار. ليس هناك ما هو أحقر من هذه النوعية من القومجية المنحطة، إن هؤلاء المنحطين لم يحاولوا أن يسألوا أنفسهم ما هي القيمة التي جعلت من عبدالناصر زعيماً عربياً خالداً؟! أليس أولهما وقوفه ضد الاستعمار وبجانب قوى التحرر في العالم، وثانيهما وقوفه ضد الرجعية العربية ربيبة الاستعمار، وصنيعته، وأداته للفتك بالأمة؟ ألم يقل الزعيم الراحل عبدالناصر (يجب علينا مواجهة ومحاربة العملاء والخونة في أحضان الرجعية العربية، كما يجب علينا مواجهة ومحاربة الرجعية في أحضان الاستعمار)؟ أليس الخروج عن هذا خيانة لناصر وللشعب العربي، والأمة العربية؟
أليس هؤلاء الذين في الرياض خونة؟ أوليسوا مع العدوان على بلدهم وشعبهم؟ أليست الرياض عاصمة الرجعية العربية؟ ليس كذلك فحسب، بل هي من يعتدي على اليمن للعام الرابع، وتقتل وتحاصر شعبه، وتحتل أراضيه. هل من ذهب للرياض ممن ذكرنا، وغيرهم، ذهب ليحارب الرجعية هناك، أم ليحارب معها وبها بلده التواق للحرية والاستقلال، والانعتاق من الوصاية، واستعادة سيادته على أرضه وقراره وأبسط حقوقه؟ أليس من ذهب إلى الرياض عميلاً للأجنبي، وخائناً لله، والوطن والشعب؟ كيف يكون ناصرياً؟ هل كان عبدالناصر خائناً، أم أن هؤلاء ناصريون نسبة لناصر آخر غير الذي نعرفه؟!
إن من يدعي الناصرية ويذهب لعاصمة الرجعية، ويرضى بالغازي المستعمر المحتل لبلد انتسب له، وهو منه براء، فهو بالتأكيد أتفه من على وجه الأرض، وأحقر بني البشر، يجب أن يحاكموا قضائياً بتهمة الخيانة، ويحاكمهم الشعب بتهمة النصب والاحتيال والتضليل، ويحاكمهم الشهداء وأسرهم بتهم الاعتداء والقتل.. الخ، ولسوف يحاكمهم الجنين ببطن أمه، والطفل المشوه والمعاق، وسيحاكمهم تراب هذا الوطن، وسيلعنهم التاريخ، ويلعنهم اللاعنون. فلقد سقط هؤلاء سقوطاً تاريخياً ووطنياً وقيمياً وأخلاقياً.
شكراً لثورة 21 أيلول 2014م التي كشفت الأقنعة عن حثالة القومية، وحثالة اليسار الأممي، شكراً لقيادة ثورة 21 أيلول الواعية المدركة، وشكراً لأولئك القوميين المناضلين الثابتين الصامدين من عبدالله سلام، وحميد عاصم، والرداعي، والبعداني، وغيرهم من القوميين الوطنيين المناهضين للعدوان.
التحية والشكر للشعب اليمني العظيم المقاوم بلجانه الشعبية وجيشه.. الرحمة والخلود للشهداء.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. اللعنة على أنصاف الرجال.. الخزي والعار للخونة العملاء.. الهزيمة للعدوان (السعوصهيوأمريكي).. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات