تعز ذاكرة وطنية ودور حاسم
 

د. مهيوب الحسام

وهي تستعد للاحتفال الجماهيري الشعبي بالذكرى الـ54 لثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة التي طردت الاستعمار البريطاني من الأرض اليمنية في المحافظات الجنوبية والشرقية.. تعز حاضنة الثورة، ومنطلقها والرافد، والسند، وهي تستعد لإحياء هذه الذكرى العزيزة، تستحضر ذاكرتها الوطنية والتاريخية التي حاول فكر المستعمر، ودينه (الإخواوهابي) محوها، وتسترد هويتها اليمنية العروبية الرافضة للاستعمار، وهي ماضية بثبات وقوة في استنهاض همم أبنائها لتقوم بدورها النضالي والكفاحي الرائد ضد المستعمرين والمستكبرين والطغاة، ودورها المحوري في تحرير الأرض من الغزاة والمحتلين، وتحرير القرار الوطني من الارتهان والتبعية.
تعز التي تستفيق في الذكرى الـ54 للتحرير على وقعين كل وقع أمرّ من الآخر، أولهما وقوع بعض منها وما تحرر سابقاً تحت احتلال جديد، وهذه المرة من الوكيل الصغير للمستعمر القديم (موانئ دبي)، وثانيهما وقع جائحة عدوانية غير مسبوقة في التاريخ مستهدفة الوطن اليمني بأكمله، والشعب كله دون استثناء، ما يفرض على تعز واجباً دينياً، وأخلاقياً وقيمياً، ويلقي على عاتقها مسؤولية وطنية هي أهل لها في الدفاع عن الأرض والعرض، ومواجهة العدوان من جانب، وبدء التحرير من جانب آخر.
وتعز كما كانت في الماضي طليعة النضال الوطني والكفاح المسلح ضد الغزاة والمحتلين، فإنها في الحاضر والمستقبل كذلك، فتعز عبود الشرعبي (مهيوب علي غالب)، وسلطان أحمد عمر، وسعيد الجناحي، ومحمد سعيد عبدالله محسن الشرجبي، وسعيد الحكيمي، وفتاح، وقائد قاسم الشرعبي (عبدالحكيم)، وراشد محمد ثابت، وغيرهم الكثير والكثير، لم ولن تكون إلا وطنية خالصة، وفي مقدمة الصفوف الوطنية، ولن تكون مشتركاً إخوانياً تشكر سلمان، وتستدعي الاحتلال، فتلك جماعة صنيعة الاستعمار، وربيبته، وركوبه الطيع متى شاء، وغير خافٍ على الكثير أن الجماعة طول عمرها تعتبر الاستعمار خلافة، والغازي المحتل ولي أمر، وتدعو له في منابرها، وتسبح بحمده، بل تقيم للمحتل نصباً تذكارية كالذي أقامته للمحتل التركي أمام أهم وزارة سيادية في البلد (وزارة الدفاع).
تعز منبع حركات التحرر، وطليعة طلائع الاستقلال، قابرة الغزاة، موارية الثرى كل مشاريع الاستعمار والهيمنة، وهي لن تمضي إلا رافضة لكل مستعمر غازٍ ومحتل، ورافضة لكل مشاريع التجزئة والتقسيم.
تعز التي واجهت الاستعمار البرتغالي، وقاتلت الاحتلال العثماني، ولقنت الاستعمار البريطاني ما يستحق من الدروس، ستلحق بالمحتلين الصغار أداة (الصهيوبريطاني) (ميناء دبي) ما يليق به، وستلحق بالعدوان (السعوصهيوأمريكي) الهزيمة التي ستكون بحجم العدوان نفسه، وستخرجهم من الأرض اليمنية صاغرين أذلاء.
إنه قدر اليمن، وتعز جزء منها، أن تكون مقبرة الغزاة والمحتلين على مر التاريخ. إن المستعمر يدرك قيمة تعز الديموغرافية، وأهميتها الجيواستراتيجية، ودورها التاريخي الحاسم في المواجهة، ولذلك استهدفها بالفكر التضليلي والتكفيري، ليس من الآن، بل من العام 1945م، منذ أن زرع الاستعمار البريطاني جسمه الوبائي الغريب في قلبها، والمتمثل في فكره ودينه الإخوانجي الدخيل والمستهدف لكل قيم المجتمع وأخلاقياته، ومن خلاله استهدف النسيج الاجتماعي، وحاول استبدال الوعي بالجهل، وحاول أن يبدل دين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، بدين محمد بن عبدالوهاب.
إن تعز في طريقها لإزالة وغسل ما علق بها من دنس الفكر الإخواوهابي الهدام، وماضية في إعادة ألقها، واستعادة دورها. عاشت اليمن عزيزة أبية حرة مستقلة، وعاشت تعز العزة واحة المناضلين والأحرار، تعز كل اليمن لكل اليمنيين.
التحية والإعزاز والإكبار للشعب اليمني العظيم بجيشه ولجانه الشعبية المرابطين في كل الثغور.. الرحمة والخلود لشهداء اليمن في ثورة الـ14 من أكتوبر، والـ26 من سبتمبر، وثورتي 11 فبراير والـ21 من أيلول، وشهداء مواجهة العدوان (السعوصهيوأمريكي) على اليمن، الذين ضحوا بأرواحهم ليحيا الشعب اليمني بعزة وكرامة.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. اللعنة على أنصاف الرجال.. الموت للخونة.. الهزيمة للعدوان.. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات