الانتصار بالوعي
 

د. مهيوب الحسام

هل يسبق الوعي الانتصار أم يسبق الانتصار الوعي؟
سؤال مهم والإجابة عليه أهم، ليس فزورة، ولا حكاية بلا نهاية أو مطروحة لجدل عقيم كحكاية الدجاجة والبيضة، وأيهما وجدت قبل الأخرى. أمّا هنا فالوعي يسبق الانتصار قطعاً، وهذا لا يقلل أبداً من أهمية الوعي بالانتصار، فالانتصار لا يتم تحصينه إلا بالوعي من أجل حمايته، واستمراره، وكي لا يندثر كما اندثرت انتصارات ثورتي 26 سبتمبر، و14 أكتوبر التي حررت البلد من المستعمر الأصيل (إنجلترا)، ثم التحقت بثورة سبتمبر ليتم - ليس باسمهما ولكن من خلال استغلالهما، والتستر بهما - تسليم البلد بالكامل ليس للمستعمر الأصيل بل لوكيله كيان (بني سعود)، وأصبح النظام الحاكم للبلد بعدها وكيلاً للوكيل، أي وكيلاً من الباطن، والذي عمد خلال فترة حكمه على تهميش انتصار الثورتين، والعمل على عدم تحقيق أي هدف من أهدافهما أو المبادئ التي قامتا لأجلها، عدا احتفالاً شكلياً بذكراهما، وإن بأشكال مختلفة، وعمل على إفراغهما من روحيهما، والمضامين، وتمت تصفية قياداتهما، ليعمل النظام على تحويل البلد إلى إقطاعية خاصة به وحاشيته، وموظفيه، وعماله، وقام بمنح السيادة والاستقلال والقرار الوطني للكيان الوكيل المباشر للاستعمار، وسلم الشعب ورقبته لشركاته التنفيذية أو المنفذة (مراكز النفوذ من علي محسن وأحمد، ومقولة والشيخ، وابنه حميد وابنه يزيد، وكثير من عسكرييه، وأمنييه، ومدنييه.. إلخ) ممن نهبوا خيرات وثروات البلد، وصادروها لحسابه الشخصي وحساباتهم، وأضافوا لأرصدته وأرصدتهم في الخارج ما أضافوا، حتى إن آثار البلد ومعالم حضارته لم تسلم من السرقة والنهب (حاميها حراميها).
نظام رضي الهوان والذلة، وأبى إلاّ أن يحكم البلد كوكيل عميل صغير للوصي، وأن يضعنا حديقة خلفية للكيان، والدليل على ذلك أنه عندما ضاق الشعب اليمني به، وبهم ذرعاً، وخرج إلى الشارع ينادي ويطالب بحقه في الحرية والاستقلال واستعادة سيادته وبسط نفوذه على أرضه وتحرير قراره الوطني، وأخذ زمام الأمور بيده، ولاذ رؤساء شركاته بالفرار إليه، جاء هو بنفسه لقتل الشعب، ومحاولة إخضاعه مرة أخرى، يا سبحان الله، وكأنّ الشعب اليمني لا يملك شيئاً من أرضه وسيادته وحرية قراره، بل هو أجير للوكيل في أرضه، غير شريك، ولا مستثمر فيها، أي لا يحق له حتى الانتفاع بها كما يريد، وكذلك عرضه وعزته وكرامته تابعة للوصي، وهذا الشعب لم يبلغ سن الرشد بعد، ولا يحق له التصرف بأملاكه.
نظام عمد، وعمل على تنمية اللاوعي، فوجه المدرسة بذلك، وبمبانٍ دون قيمة، ومناهج دون علم، وأبدل مدارس العلم بمدارس حفظ وتحفيظ، وحرف رسالة المسجد عن مهمتها، فأفرغ التعليم من محتواه بل ومعناه، تنفيذاً لتوجيهات كيان الوكيل الجاهل أساساً، حيث كان جهل الوصي أحد العوامل التي أوصلتنا إلى هذه المواصيل، وأدخلتنا هذه الدخلات المعتمة التي ليس فيها نفق أصلاً حتى نرى النور في نهايته أساساً، وما ندفعه من زيادة في الثمن هو لذلك.
إن كلاً من الوعي والانتصار مهم، ولكن الوعي يسبق الانتصار، حيث لا يمكن الانتصار بدون وعي، ولا يمكن الحفاظ على الانتصار بدون وعي به وإدراك لقيمته وقيمه ومعناه ومؤداه. لذا فإنه بالوعي والإدراك قد حان الوقت لأن تتحرك الديموغرافيا الساكتة (الصامتة) لحماية الجغرافيا الساكنة، خصوصاً تعز ولحج، وما تحرك كثير ممن يسمون وجهاء ومشائخ مؤخراً لتلك الجغرافيا، إلا للعمل على عدم تحرك الديموغرافيا تحركاً فاعلاً لحسم المعركة، وعليه فإن المطلوب هو الانتصار بالوعي، ثم الوعي بالانتصار.
التحية للشعب اليمني الصامد الصابر بجيشه ولجانه الشعبية.. الرحمة والخلود للشهداء.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. الهزيمة للعدوان (السعوصهيوأمريكي).. اللعنة على أنصاف الرجال.. النصر للشعب اليمني العظيم.. والله أكبر، والموت لأمريكا سياسة وطغياناً وعدواناً.. والموت لإسرائيل محتلاً وسرطاناً في قلب الأمة.. النصر للإسلام إنصافاً وعدلاً.

أترك تعليقاً

التعليقات