تعز واقع يقهر العدوان
 

د. مهيوب الحسام

تعز واقع آخر غير ما تمنى، وغير ما ظن وكلاء العدوان (السعوصهيوأمريكي) من أسرة كيان (بني سعود)، وإمارات (بني نهيان) العظمى، ومنامة صاحب العظمة من (بني خليفة)، ودوحة تميم الغاز، وكافة من أتوا على غير ما سُرب إليهم وشُبه لهم، ولأصيل عدوانهم، أتوا إليها لترسيهم على واقع سيخرجهم على غير هدى، فبعد عامين من عجز مرتزقتهم، وتابعيهم، رغم الإسناد، عن تحقيق شيء مما أوكل إليهم، جاؤوا بأنفسهم، تسوقهم الأقدار بظلم ما اقترفت أياديهم، على غير ما يرجون، ليجدوا في تعز من باب المندب (بوابة العالم) إلى المخا، حقيقة أخرى تهز العروش، فتطحن ما صنعوا، وتلقف ما يأفكون، فتسكب لهم من الموت ما لا قبل لهم به، وتذيقهم من العذاب صنوفه بكل وادٍ، وميدان، وتنتزع للموت أرواحهم، كما تُنتَزعُ الأسماكُ من مائها، فتتوارى بوارج باسم مدن وحجمها بمن فيها، عن الباب، وتلفظ أنفاسها في غيابت بحرٍ لُجيٍّ ما له من قرار، وتشهق أنفاسهم في المخا وهم في دباباتهم ومدرعاتهم (من وراء جدر)، كما يحصد كهبوب ما يشبع حاجته منهم كل يوم، ويحيلهم توشكا، وإخوته عصفاً مأكولاً في شعاب الجن، وتوزعهم وازعيتنا أشلاء ممزقة طعاماً للسباع، بأيدي رجال الرجال من أبناء الشعب اليمني الواثق بنصر الله له.
إن الثقة بنصر الله لك في مواجهة الأعداء، في مقام العمل، عاقبتها النصر المؤزر من الله لك على المعتدين، قال تعالى: (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) (الحج:40). من ينصره الله هو من يعمل بموجبات النصر، ويبذل الجهد في سبيل الله بوعي وإدراك، وما بذل جهد بوعي وإدراك في أي عمل، إلا أثمر نجاحاً يكافئ ذلك الجهد المبذول، جزاءً لذلك الإقدام، والنجاح عزة وكرامة وقوة ومنعة، والتقاعس والتخاذل عن بذل الجهد ينتج عنه فشل يكافئ ذلك التقاعس، ويتبعه عجز وذل وهوان وخزي في الدنيا والآخرة، جزاء ذلك التخلف، سنن الله في خلقه، فوعد الله المؤمنين بحقهم بالنصر في مواجهة العدوان، قال تعالى: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) (الروم:47)، ومن أصدق من الله قيلاً.
وهنا يثبت أبناء تعز، كغيرهم من أبناء اليمن، أنهم لايقبلون بالغزو والاحتلال، وتثبت تعز أنها بالله أقوى من عدوها مهما امتلك من قوة، وتدخل العدوان في مشكلة حقيقية أمام صبر وثبات وصمود رجال الله في ميادين المواجهة، ما يعجل بهزيمته النهائية.
إن هجوم العدوان على تعز يكشف الوجه الحقيقي القبيح للعدوان، فلا شرعية لأجلها يعتدون، ويقتلون الشعب اليمني، ولا انقلاب يحاربون، ولا إيران يواجهون، وهي أقرب إليهم من تعز، وفي طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى مكانها، وإنما هي مطامع استعمارية قديمة جديدة في اليمن، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل العدوان يريد إعادة شرعية عبد ربه الموهومة من باب المندب، والمخا تعز وميناء الحديدة؟ إنه يريد قتل من تبقى من أبناء تعز الذين لم تقتلهم أياديه ومرتزقته، بأسلحته وأمواله، وبوارج وطائرات حربه، منذ عامين، جاء ليبيدهم بأسلحة جديدة اشتراها، أشد فتكاً، ومن توفره الأسلحة يمت بسلاح الجوع والحصار، فبعد أن حاصرها بحراً وبراً من عدن، وطرد أبناء تعز منها، أتى ليطبق عليهم الخناق من بحر تعز والحديدة وبرهما معاً، وبهذا يخيرهم بين السلة والذلة، فإما الاستسلام مع تحولهم لمرتزقة يقاتلون إخوانهم في الوطن والدم والعقيدة والمصير، أو يقتلون بحصاره، وتجارب جديد صواريخه وسكاكين دواعشه، ولا يعلم أنهم قد اختاروا مواجهته بشكل مدني أولاً، ونسي ثانياً أن تعز كل اليمن لكل اليمنيين، وأن اليمن كلها تعز، وأن تعز بأبنائها ستواجه العدوان مدنياً، ولو اضطرهم ذلك أن يتحركوا بمسيرات راجلة مع أبناء الحديدة إلى سواحلهم لحمايتها، والدفاع عنها دون سلاح، وليبيدهم العدوان وهم في سواحلهم خير من إبادتهم في بيوتهم.
وعليه فإننا أبناء تعز نتوجه برسالة للعدوان بأن يرحل عن المخا وباب المندب، وميناء الحديدة، وإن أراد صنعاء فإن صنعاء لاتؤتى من المخا وباب المندب، فلا يبحث عن صنعاء في تعز، وما لم يرحل، فإننا سنواجهه، وسننتصر، فنحن معنيون بالنصر، وإن بشكل مدني، ونحن أهل للنصر ككل اليمن، فقد جاوز العدوان المدى، وما النصر إلا من عند الله، وإن الله منجز وعده.
التحية والإجلال للشعب اليمني العظيم بجيشه واللجان.. التحية لأبناء تعز الشرفاء.. الرحمة للشهداء.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. اللعنة على الخونة.. الهزيمة للعدوان (وعد الله).. النصر لليمن أرضاً، وإنساناً، وهوية.


أترك تعليقاً

التعليقات