حق القوة
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

يفتقد تماماً وكلياً الطاغوت من قوى الاستكبار، والاستعمار والظلم والهيمنة، لقوة الحق في فرض هيمنته على قرار الدول الضعيفة وشعوبها المستضعفة عموما، واستعمارها واستعبادها ونهب خيراتها وثرواتها وانتهاك سيادتها واستباحة أراضيها ومصادرة قرارها على مر التاريخ، وذلك لأنها بالأساس قوى باطل وتعتمد على الباطل فكرا ومعتقدا وسلوكا وممارسة في استعمار واستعباد تلك الشعوب، ونهب خيراتها وثرواتها واستباحة واحتلال أراضيها ومصادرة قرارها على مر التاريخ، ولذلك تهزم رغم عظم قوتها أمام إرادة الشعوب الحرة، وذلك لأن تلك الشعوب المستضعفة عندما تواجه قوى الطاغوت تواجهها بقوة الحق وتنتصر عليها حتما، فهي تعتمد على حقها التاريخي والقيمي والأخلاقي الإنساني في الحرية والاستقلال والسيادة، وبوعي وإرادة وتدافع عن نفسها بمشروعية قيمية وأخلاقية وإنسانية وقضية عادلة.
وإذا ما قمنا بتحليل الظواهر الحياتية رياضياً أو كيميائياً وعلى كل ظواهر ومسارات الحياة وسننها فإننا سنجد أنها مبنية أساسا على معادلات لها مكونات تتفاعل مع بعضها، ومن خلال التفاعل تكون النتائج، أي أن لها مدخلات ومخرجات، واعتمادا على المدخلات تكون المخرجات، وإن تلك المدخلات هي التي تنبئ بالمخرجات، أي أنها عبارة عن معادلات، والقاعدة تقول إن المعادلات غير الموزونة هي معادلات غير ثابتة وغير مستقرة وليس لها نتائج مضمونة ولا مأمونة، بل ومن الصعوبة بمكان حساب نتائجها أو فصلها أو حتى إعادتها بدقة إلى وضعها الطبيعي الأصيل، لذلك فإن أي معركة مبنية على قوة الحق تكون نتائجها النصر حتما، وأي معركة مدخلاتها حق القوة فإن مخرجاتها الهزيمة حتما، لذلك فإن جماعة الإخواوهابية مثلا تفشل في معركة الوعي، لأنها قائمة على زيف وضلال، وتساق بلا وعي وعدم إيمان منها حتى بما تقوله، ولذلك تجد أن المنتمين لها لا يقاتلون بأنفسهم بل يدفعون بالمغرر بهم في القتال، وإن قاتلوا لا يقاتلون إلا من وراء جدر، فيحتمون بالمدرعات والآليات كما نراهم في الجبهات، ولا يصمدون بل يفرون بها وهم بداخلها، لذلك فإنها تهزم في كل معاركها الميدانية.
لنخلص أخيرا ‏إلى أن قوى الاستكبار والاستعمار التي جثمت ولا تزال على شعوب هذه المنطقة دهرا إن بشكل مباشر أو عبر أدواتها وأياديها، ونهبت خيراتها واستغلت مواردها، لن تستطيع أن تسلم بقوة الحق وهي التي اعتادت حق القوة، ولذلك فإنها لن ترضخ ولن تسلم إلاّ مرغمة لتسود عندها قوة الحق. سنة الله في خلقه، قال تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" [الحج: 40]، لذا فإن حق القوة لا يمكن مواجهته إلا بالوعي ولا يمكن الانتصار إلا بالإيمان بالحق وبالعزم والإرادة يكون الانتصار في المواجهة الميدانية، فالإنسان لا يستطيع أن يقوم بواجبه في بذل الجهد لنيل حقه ولا يستطيع مواجهة أعدائه إلا بعد معرفة الحق من الباطل، وبوعي كافٍ يهتدي إلى الإيمان بحقه في الحياة وفي الممات.

أترك تعليقاً

التعليقات