خائـنٌ وطني!
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا

(لأجل الوطن كل شيء يهون وله يرخص كل غالٍ، فلو لم أكن خائناً فإني مستعد لأن أكون خائناً وعميلاً من أجل وطني، وجاهز للتضحية بالتنازل عن الكرامة والعزة والشرف من أجل هذا الوطن)، يقول أحد قادة سلطة الوصاية؛ فماذا استبقى لنفسه؟ ويقول قائد آخر: (مراعاة لضرورة المرحلة، ومقتضيات المصلحة الوطنية العليا، وتحملاً للمسؤولية، سأقوم بأي خيانة وطنية إن اقتضى وتطلب الأمر ذلك لإنهاء معاناة هذا الشعب المناضل). وهكذا دأب رؤساء وأعضاء سلطة الوصاية على القول في عهد الوصاية بأنهم مستعدون للتضحية من أجل الشعب، وذلك بخيانته، وقتله! هكذا أراد الوصي وتعهدت سلطة الوصاية بتنفيذه، فحكمنا السفير السعودي طيلة 50 عاماً خلت بمشاركة سفير أمريكا، فعيّنا رؤساء وحكومات تسومنا سوء العذاب. ولا تستغرب إن وجدت أحد أعضاء تلك السلطة مجاهراً ومفاخراً بخيانته، ويعتبر نفسه خائنا وطنياً، فتلك ثقافة العهد الوصائي، وأحد مخرجاته الرئيسة. فبالعقل والمنطق والحق لا يوجد خائنٌ وطنيٌ، وإنما يوجد خائنٌ للوطن وخونة في وطني الذي ليس وطنهم، ولا ينتمون إليه بعد تخليهم عنه وبيعه، والتنازل عنه طوعاً للأجنبي، ليصبحوا بلا وطن بالتأكيد.
إنها الحرب الناعمة التي شنها الاستعمار عبر الوصي، وبمساعدة وتنفيذ سلطة الوصاية منذ 50 عاماً، والتي لم يكتب لها النجاح، وفشلت في اليمن لأسباب عدة، منها:
1) بروز الثقافة القرآنية الحقة إلى الواجهة، كاشفة قبح وخطورة تلك الحرب، ولدى أصحاب الحق فقدت هذه الحرب قيمتها.
2) إطلاق السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، لشعار البراءة من أعداء الله، والذي تدفق وعياً بمخاطر الارتهان، وإدراكاً بالحاجة للحرية والاستقلال.
إنه عدوان حرب المصطلحات، الذي مضى فينا طيلة العهد الوصائي ليفعل بنا فعله. ولولا المسيرة القرآنية، وثقافة القرآن، لكنا عبيداً صاغرين للاستعمار، أذلة على الكافرين، أعزة على المؤمنين، ولحل بنا ما حل بالعراق وسوريا، وبعض محافظاتنا المحتلة.
إنه عدوان الحرب الناعمة (حرب المصطلحات) الأخطر من العدوان المباشر بتلك الحرب التي حاولت أن تساوي الخائن بالوطني، والخيانة والوطنية أمران لا يتفقان ولا يلتقيان على كلمة سواء، وليس بينهما مشترك، بل نقيضان متضادان في المضمون والاتجاه والتوجه، ومختلفان بالوسيلة والغاية والهدف، ولا يتعايشان مطلقاً، وإن أردنا، بل هما ضد بعض، وكل منهما ضد الآخر، وتصادمهما حتمي، ولا بد لأحدهما من التغلب على الآخر، ويظلان بحالة صراع دائم، ويمضيان كحق وباطل، فالوطنية حق والخيانة باطل، قال تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) (الأنبياء: 18)، ويقول: (ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) (الأنفال: 8)، وقال تعالى: (وقل جاء الحق وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقاً) [الإسراء: 81]، ولمن يجهل معنى الحق وقيمته يقول تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير) [لقمان: 30]، ولذلك فإن الحق منتصر على الباطل، سنة الله في الكون. وأما الخونة فهزيمتهم حتمية، كذلك وعد الله، ولن يخلف الله وعده، قال تعالى: (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمْكَنَ منهم والله عليمٌ حكيم) [الأنفال: 71]، صدق الله ورسوله.
إنها ثقافة القرآن، ثقافة الحرية والكرامة والعزة والشرف والإباء والانتصار والنصر المؤزر الناجز. إنها ثقافة قرآنية تثبت صدقيتها كل يوم، وتشهد بذلك انتصاراتنا على أيدي المجاهدين المواجهين للعدوان في كل الجبهات، تلك الثقافة التي أنقذتنا من براثن موت محقق. وثقافة زمن وصائي منحط، وتربية ذل وهوان، وتعليم مدرسي جامعي بلا ضمير، وجامع بلا دين ولا هوية، وأحزاب بلا انتماء، وجيش مليشياوي شخصي لا وطني، وها هي المخرجات تتحدث عن نفسها، والتي هي مع العدوان لا عليه.
إننا ندفع ثمن الوصاية مرتين:
1) مرة بعهد الوصاية تجهيلاً وعمى وعدواناً على كل القيم والأخلاق والعزة بهدف قتلها.
2) ومرة أخرى بالعهد الرافض لها بعدوان مباشر وقتل وإبادة لكل من رفض ويرفض الوصاية بهذا العهد الذي أراده العدوان عهد ممات، وإذ به يتحول بفعل صمود الشعب والقيادة، وبفضل الله، وثقافة القرآن، إلى عهد حياة وعز ونصر وشموخ للشعب اليمني، وكل أحرار العالم، وذل وهوان وهزيمة للعدوان، أصيله والوكيل معاً، ولقد حفر العدوان قبره بيده.
التحية للشعب اليمني بجيشه ولجانه الشعبية وقيادته التاريخية.
سلام الله على روح السيد القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي في الذكرى الـ14 لاستشهاده، التحية للقوة الصاروخية التي تدك عاصمة العدوان ورمز سيادته، الرحمة والخلود للشهداء، الشفاء للجرحى، الحرية للأسرى، اللعنة على كل خائن وطني، الهزيمة للعدوان (السعوصهيوأمريكي) على اليمن والأمة. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات