أمة تودع أمة
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
لم يكن هذا المسجى في ضاحيته ومدينته أمام شعبه وأمته وأحرار شعوب العالم فرداً عادياً ترمقه بنظرة وداع إلى الخلود الأبدي عند بارئه وفي قلوب أحرار الأمة والعالم، قائداً عظيماً استثنائياً ملهماً بوصلته فلسطين، منتصراً في الميدان وفي التضحية والاستشهاد وبفكره ونهجه وإرثه وعلى الوعد والعهد ماضٍ عشاقه ومحبوه وجنده حتى النصر النهائي الناجز على كيان العدو الصهيوني وزواله من أرض ومقدسات الأمة في فلسطين وسورية ولبنان، بل كان أمة في فرد وليس فرداً في أمة، أمة بكل مقوماتها تجسدت في شخص حمل همها وحقق من الانتصارات على عدوها ما عجزت عن تحقيقه دول مجتمعة بجيوشها.
ولما أتى قومه من أقصى هزائمهم يسعى حاملاً رايتهم وموجبات نصرهم، لم يكلفهم مالاً ولا بندقية، وبعزيمة وإرادة وإيمان أمة، قائلاً: يا قوم، إن أرضنا في فلسطين ولبنان وسورية محتلة، ومقدساتنا مستباحة، وإن كيان العدو الصهيوني وأمريكا عدو لنا ولكم، فإن لم تكونوا معنا فخلوا بيننا وبين عدونا وعدوكم. يا قوم، إن السلام مع عدو قاتل للنفس محتل للأرض والمقدسات خيانة لله ورسوله، وإن تسول السلام استسلام، وإن العزة والكرامة والشرف في حر السيوف التي تواجه الأعداء، وعدم مواجهتهم ذلة... فكان الرجل في نقائه وصدقه ووعده وعهده، في حربه وسلمه، في حديثه وفصل خطابه وفي جهاده وفعله، أمة.
لم يكن هذا القائد العظيم، نصر الله (سلام الله عليه ورضوانه)، فئة ولا حزباً ولا طائفة ولا مذهباً ولا فصيلاً ولا جماعة ولا حركة، بل كان أمة، في إيمانها وجهادها وحريتها واستقلالها وسيادتها، وفي عزتها وكرامتها. كان أمة إيماناً وقيماً وديناً وتقوى وزهداً وجهاداً وصبراً وثباتاً ورؤية وإيماناً بالله وثقة بنصره وتضحية في سبيله ونصرة للمستضعفين، وبحضوره، بكلماته وخطاباته وتعليقاته وابتساماته وجده ومزحه، في صدقه وتأثير كلماته وعباراته على أعداء الله وأعداء شعبه وأمته، شديداً على الكفار رحيماً بالمؤمنين، حرباً على الأعداء وسلاماً على المستضعفين.
هذا القائد العظيم والشهيد الأمة الذي يرعب الأعداء بظهوره وكلماته وعباراته وبقدراته وقراراته، في مواجهته، في مبادرته ورده وردعه، بأقواله وأفعاله، لم يكن يليق به وفاة طبيعية وموت على الفراش، ولا يليق به غياب ولا فناء، بل حياة دائمة في عليين، وحضور مستمر، وانتصارات دائمة في الميدان ومواجهة أعداء الأمة: كيان العدو الصهيوني وأمريكا والغرب المستعمر عموما، كما يؤكد هذا القائد الأمة بقوله إننا كشعوب وقيادات مؤمنة «عندما ننتصر ننتصر، وعندما نستشهد ننتصر».
إن هذا العظيم لم يترجل، وإن أعطى الراية لمن يليه، فهي سنة الله، وإنا بالله معه على العهد ماضون حتى زوال كيان العدو، وما النصر إلا من عند الله.

أترك تعليقاً

التعليقات