موجبات النصر وأعراض الهزيمة
 

د. مهيوب الحسام

يوماً أو بعض يوم، شهراً أو بعض شهر، عاماً أو بعض عام، قد يتأخر النصر، لكنه قادم كفلق الصبح، نصر مستحق، وهو أقرب إلينا من أي وقت مضى، ما لم ينل منا دخيل أو فاسد يؤخره، أو عدم توكؤ السياسة على إنجازات الميدان، أو يبيع المكاسب العملاء من أرباب الوصاية بالرياض أو مجلس نواب عمرة الوداع الذي أردنا أن نحييه بعد موت، فأراد أن يميتنا بعد حياة، ليسجلها التاريخ من عجائب الحروب السبع بأن من أناط به الشعب الحفاظ على السيادة، كان أول المفرطين بها، ومن أنابه يوماً عنه تحول نائباً لعدوه ضده، بل ويريد إلزامه بالركوع لعدو يقتله لا يرقب فيه إلاًّ ولا ذمة، وإنه لأمر غريب أن شخصاً يحمّله ناخبوه مسؤولية، وتمنحه دماء شعبه كرامة وعزة وشموخاً وإباء، ويأبى إلاّ الذل والهوان، ويهديه صبر شعبه وبطولات جيشه ولجانه الشعبية شرف انتصار ليس جزءاً منه، وتعرض عليه تحرراً من المستعمر الغازي، وانعتاقاً من الوصاية، وتحريراً للقرار الوطني لينال ووطنه استقلالاً نافذاً، ويعطى الفرصة تلو الأخرى، لكنه يفضل السقوط، شعاره سأخون وطني وشعبي أولاً وثانياً وعاشراً، ويسارع لنصرة العدو كلما سارع العدو نحو الانهيار، إما برفده برأي أو بمبادرة إنقاذ تخرجه من مأزقه كفعل مجلس النوا... مقبور عملياً، والذي ربما نعذره لعدم إدراكه موجبات النصر، لأنه من أمة اقرأ ولم يقرأ، لكنه لم ينسَ ويذكرنا كلما تناسينا أنه بقية عهد وصاية وارتهان، وهو جاهل بالأصالة عن نفسه لا نيابة عمن أنابه، وبما أنه لا إكراه في الدين، فلا إكراه في الإدراك.. فإن جهل موجبات نصرنا وعذرناه، فلا يمكن قبول عذره بعدم ملاحظة أعراض هزيمة العدوان التي أصبحت ظاهرة لأعمى وأصم، فكيف بعضو مجلس نوا... ومن موجبات النصر نورد ما يلي:
ـ إن حربنا حرب أخلاقية بامتياز رغم أننا نصد عدواناً كونياً ظالماً، ونرده عنا، فلم نستهدف مدنياً واحداً في أراضينا الشمالية المحتلة، ولم نستهدف إلاّ مواقع عسكرية فقط، وهو يستهدف المدنيين ليلاً ونهاراً، ولا يعيش إلا على أشلائهم، حتى إننا لم نستهدف من يفر من العسكر، فكيف المدنيين.
ـ لم نقتل أسيراً مقاتلاً أو ننكل به أو حتى نتعمد إهانته، وهم يقتلون الأسرى ويمثلون بجثثهم، ويعذبون المدنيين المخالفين لهم في الرأي وينكلون بهم، ويشوونهم، ناهيك عن اغتصاب وانتهاك الحرمات، والحرق، والسحل، ونبش القبور وهدم الأضرحة... الخ.
ـ نقاتلهم ونواجه عدوانهم امتثالاً وتنفيذاً لأوامر الله طمعاً في رضاه واثقين بنصره لنا إنجازاً لوعده، ويعتدون علينا امتثالاً لعدو الله وعدوهم وتنفيذاً لأمره وطمعاً في رضاه ووهم حمايته.
ـ نوالي الله وشعبنا، ويوالون اليهود والنصارى من أعداء الله وأعدائهم، ونصبر ويجزعون ويولون الدبر، ونثبت في منازلتهم ويفرون ولا يستهدفون. 
ـ نتباهى بشهدائنا ونفتخر لأننا على الحق وقضيتنا عادلة، ويخفون قتلاهم ويتسترون عليهم لأنهم على الباطل وليس لهم قضية ويعيشون الهزيمة.
أما أعراض هزيمتهم فإننا نورد بعضاً منها:
ـ لو نظرنا لبداية عدوانه علينا قبل عامين ونصف كان عدواناً أقوى مما هو عليه الآن بكثير، ورغم ما يملك من عتاد ومال وتحالف كوني، إلاّ أنه يتجه نحو ضعفه بمرور الوقت، بينما نتجه نحو قوتنا يوماً إثر آخر، فرغم الحصار براً وبحراً وجواً، والقصف كذلك، والتجويع، إلاّ أن صواريخنا تضرب أعماقه، ومواقعهم ومعسكراتهم بكل تحصيناتها تتساقط تحت أقدام مجاهدينا الحفاة، وتحرق أحدث مدرعاتهم ودباباتهم.
ـ حجة عدوانه توهن كل يوم وتدحض، وعدالة قضيتنا تبرز وتقوى، يتفتت تحالفه وحلفه الشيطاني، وحلفنا وتحالفنا مع الله يتعزز ويقوى، ويقتلوننا عدواناً ونقاتلهم دفاعاً، يتعذبون بأيدي مجاهدينا ويفرون خزياً، وننتصر في كل منازلة نصراً يشفي الصدور.
ـ أخلاقياً في الحرب نكسب وتتجدد حيويتنا وشبابنا في المواجهة، وهم أخلاقياً في الحرب يخسرون ويتجهون بسرعة نحو هزيمتهم بمقدار ما نتجه نحو النصر، ويقتربون من نهايتهم الفعلية وذلك بانتهاء عمرهم الأخلاقي، يكون عمرهم الافتراضي منتهياً، وعمرنا الأخلاقي يتجدد، وفي صعود مستمر.
ـ نضرب بوارجه الحربية وندمرها، ويقتل أطفالنا ونساءنا، ويعتمد على المرتزقة في قتالنا، ونعتمد على الله وشعبنا في مواجهته، ننتصر ويفرون.
التحية للجيش واللجان.. الرحمة لشهدائنا.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات