عام على وداع الأمة
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
تأتي الذكرى الأولى لاستشهاد السيد حسن نصر الله سلام الله عليه ورضوانه، شهيد الأمة وشهيد الإسلام والإنسانية، الخبر الصاعق الذي تلقته شعوب الأمة بألم شديد وبثبات على العهد من بعده، ومع ذلك ورغم عظم المصاب ولشدة حب أبناء شعوب الأمة لشهيدها لم يصدق الكثير -وأنا منهم- ذلك الخبر؛ لا لقلة الإيمان بالموت وهو حق، ولا لشيء آخر، سوى أنهم يحسون في أنفسهم أنه حي فيهم، يعيش بينهم بفكره ونهجه وخطبه وكلماته بصدقه وقيمه وأخلاقه، صبره وثباته، وجهاده في مواجهة أعداء الأمة، وهم محقون، فكيف لا وهو حي يرزق بجوار ربه؟! يقول الله عز وجل: «ولا تحسبن الذي قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل إحياء عند ربهم يرزقون».
هذا الشهيد القائد لم يكن حكراً على جغرافيا أو ديموغرافيا محدودة، ولا شعب بحد ذاته، ولا أمة بعينها، بل قائداً أممياً إنسانياً عالمياً مقاوماً للظلم والاستعمار والهيمنة، قائداً يمثل القيم الإنسانية والأخلاق الإيمانية، والإيمان الذي لا يتزعزع بالله الحق والعدل والحرية والاستقلال، ونصرة المظلومين، ونصر الله لعباده المظلومين المجاهدين الصابرين. وعزاء أمته فيه أن فكره ونهجه والطريق الذي سار عليه باقٍ ومستمر، ورايته تحملها أنفس أبية كريمة ورجال أشداء مجاهدون عظماء، على العهد ماضون يحملون دمه وروحه حتى ينال الأقصى السليب وشعبه حريته.
لسنا هنا بصدد سرد خصال ومحامد ومناقب شهيد الأمة، والتي لا يتسع لسردها مجلدات، وإنما يمكننا القول إن هذا القائد العظيم حي، لم ولن يمت، وأن حضور الأمة لوداعه قبل عام لم يكن بهدف تشييع جثمانه الطاهر، وإنما لمبايعته بأنها على الوعد والعهد ماضية على النهج حتى تحقيق الأهداف التي ناضل من أجلها وارتقى في سبيلها حياً عند ربه وشعبه وأمته وكل أحرار وشرفاء العالم، ويعاهدونه على السير على خطاه حتى تحرير القدس وزوال كيان العدو الصهيوني واستئصاله من قلب الأمة ومعه كل أنظمة التطبيع والتتبيع.
وأخيراً نقول إن ما يثبت ويؤكد أن هذا الرجل القائد العظيم، وبعد عام من استشهاده، سيبقى حياً هو أن الإضاءة بصورته على صخرة في منطقة الروشة ببيروت أدى لإثارة الهلع والخوف والرعب والقلق، ليس لدى العدو فقط، بل ولدى عملائه في الداخل، مشهد لم يتحمله من يناط به إقامة الاحتفاء بهذه الذكرى (الحكومة)، ما جعل رئيسها يصدر بياناً يصفها بـ»المخالفة»، فإذا كان هذا هو حال رئيس الحكومة فكيف يكون حال رئيس حكومة العدو؟! وهذا ما يثبت أن هذا القائد العظيم حي، وأنه سيهزم أعداءه وأعداء شعبه وأمته وهو بجوار ربه، وأن هناك من يحمل روحه ودمه ومع الله يمضي متوكلاً عليه حتى نصر الله وزوال هذا الكيان؛ وعد الله ولن يخلف الله وعده.

أترك تعليقاً

التعليقات