لا أستطيع التنفس
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

"لا أستطيع التنفس" هي عبارة لم يطلقها أو يرددها من يشعرون بالاختناق نتيجة لإصابتهم بفيروس كورونا "كوفيد19"، بل هي صرخة شعب، وهتافات أمة وشعار ثورة شعب أمريكي بوجه ترامب، وإدارته، وسياساته، وممارساته الخانقة لشعبه، وضد سياسة نظام أمريكي بإداراته المتعاقبة التي تقتل الشعب الأمريكي الأسمر خنقا تحت بيادات وأحذية البيض.
"لا أستطيع التنفس" هي إرادة شعب تواق للحرية والمساواة والعدل والإنصاف، يريد أن يتنفس حرية ويستعيد حريته المسلوبة وحقه الأصيل في العيش بحرية، وعزة، وكرامة، وعدالة وإنصاف.
لقد اختنق الشعب الأمريكي من ممارسات النظام الأمريكي وإداراته المتعاقبة للتمييز العنصري باسم المساواة والتفرقة اللونية، باسم العدل، والشائعات والأكاذيب، باسم القيم والتضليل المستمر والتزوير، باسم الديموقراطية، وممارسة الاستعباد والإذلال تحت يافطة الحرية والقيم الأمريكية التي لم يجدها الشعب الأمريكي يوما، خصوصا السود. وحري بنا القول للإنصاف إن الشعب الأمريكي ليس في غالبيته من يمارس العنصرية، وإن ما حصل ويحصل من تمييز إنما يأتي في إطار سياسة ممنهجة يمارسها النظام الأمريكي وليس الشعب، بدليل خروج مئات الآلاف من البيض للشوارع رافضين سياسات وممارسات نظامه بل ومشاركين في الثورة عليه.
ما يحدث في شوارع أكثر من خمسة وثلاثين مدينة أمريكية هي ثورة شعب حقيقية ضد حكامه، ثورة حق ضد باطل، وسقوط مدوي لما سمي بالقيم الأمريكية الزائفة التي سوقوها وصدعوا بها رؤوسنا والشعب الأمريكي وشعوب العالم عشرات السنين، لذا فإن ما يحدث الآن في أمريكا هو ثورة شعبية خالصة بكل ما تحمله كلمة ثورة من معنى، وتسميتها بمظاهرات غضب ومظاهرات ضد العنصرية وضد الاستغلال والظلم والاستعباد هي محاولات للتقليل من الثورة وحرفها عن مسارها والهروب من استحقاقاتها، رغم أن هذه التسميات مجتمعة معناها ثورة ولا شيء غير الثورة.
إن محاولة النظام الأمريكي وإدارته وصم هذه الثورة الشعبية تارة بأنها أعمال عنف وتارة بأنها تخريب وغيرها من التسميات لن تجدي مع إرادة شعب عانى ولا يزال يعاني الظلم ويتجرع ويلاته ويكتوي بناره منذ عشرات السنين، ولا مناص من تغيير حقيقي يشعر به الشعب الأمريكي ويجده واقعا، لذا فإن كل العنتريات والتهديدات التي تطلقها الإدارة الأمريكية للشعب لن تزيده إلا صمودا وتصميما وإصرارا على تحقيق أهدافه.
إن هذه الثورة الشعبية هي سقوط لما يسمى القيم الغربية الزائفة، وأكاذيبها، بل هي بمثابة إعلان رسمي لموت تلك القيم (اللاقيمية واللاأخلاقية)، البعيدة كل البعد عن الحرية والديموقراطية والعدل، والإنصاف، والمساواة، وحقوق الإنسان، وكل ما يدعيه النظام الغربي وعلى رأسه النظام الأمريكي.
لا بد للشعب الأمريكي أن يتنفس، ولا بد له أن يسترد حقوقه المشروعة التي سلبها منه نظامه وصادرها. كما أنه لا بد للنظام الأمريكي، الذي لا يختلف عن أنظمة دول العالم الثالث، أن يخضع لإرادة شعبه وتلبية مطالبه المشروعة المحقة طوعا أو رغما. وعلى الباغي تدور الدوائر، فعجلة التغيير بدأت بالدوران ولن تعود للوراء.

أترك تعليقاً

التعليقات