النفط لا يصنع النصر
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

بديهي أن من يمتلك النفط يكون قد امتلك الثروة المادية اللازمة للأخذ بناصية العلم والمعرفة والتطور والتقدم العلمي والتقني، وهذا مؤداه أن تتجه الدول النفطية نحو التحرر والاستقلال والاكتفاء الذاتي وامتلاك القرار والقوة اللازمة لحماية الشعب والدفاع عن سيادتها واستقلالها، إلَّا في الوطن العربي، فإن الدول النفطية الخليجية مثلاً هي الدول العميلة والتابعة الذليلة للمستعمر الأجنبي، وهي مستلبة القرار والسيادة، وسلطاتها هي سلطات خائنة لشعوبها وأمتها، ولا غرابة، وذلك لأن سلطات تلك الدول لديها النفط والثروات، ولكنها لا تمتلكها، بل هي بمثابة حارس لها لا أكثر، تم تعيينها من سيدها المستعمر كحارسة له عليها، وشعوب تلك الدول ليس لها الحق في نفطها وثرواتها، ومُحرَّم عليها، بل مُجرَّم امتلاكها أي حق من حقوقها، وإن نطقت أو تفوهت بكلمة بخصوص ذلك أو طالبت به، فليس لها سوى القمع والسجون، وفي أحيان كثيرة القتل، وحكامها الجبابرة الطغاة الظلمة يحظون من أسيادهم بما تحظى به شعوبهم منهم، وإن سُمح لهم بالتصرُّف بشيء لهم لا لشعوبهم وبما يلبي ملذاتهم فقط، لذا فإن أقصى ما يصل إليه الحاكم العربي والأعرابي خصوصاً وكل ما يطمح له، من سيده المستعمر، هو تعيينه واعتماده حارساً لذلك النفط وتلك الثروة، والتمديد له، وأن يناله رضا سيده، وأن يبقى قائداً للحرس مقابل بعض مال النفط كراتب ليشتري به عقالاً ودشداشة (غترة) تتم صناعتها بإنجلترا أو الصين، ولا يحق له صناعتها في بلده، ونظارة يصنعها المستعمر ويختار له شكلها ولونها، وجزمة ولو من جلد شعبه، وكذلك سيارة التفحيط المصنوعة بأمريكا أو اليابان أو أوروبا، والتي ليست في متناول الجميع طبعاً، ويحظى شعبه بتعليم يكاد يكون صفراً، عدا مناسك الوضوء وجهاد النكاح وإرضاع الكبير وبول البعير وفضل التداوي به وتراث ابن تيمية وصولاً لمجدد الدعوة السلفية صاحب الدين "الماسوصهيوسعودي" الدين الإخواوهابي لصاحبه محمد عبدالوهاب وشريكه حسن البنّا، هذا الدين المصنوع بريطانياً والمرعي أمريكياً وبريطانياً معاً.
لذا فإن من لا يمتلك قراره، لا يمتلك نفطه، ولا يمتلك نفسه، ولهذا فلا يمكنه مقارعة ومواجهة اليمنيين الأحرار والانتصار عليهم! لأنه كلما ازداد النفط لديهم ازدادوا انحطاطاً وتخلفاً وجهلاً وذُلاً وهواناً، وذلك بسبب أن أول ما تقوم به تلك السلطات هو إيداع قيمة النفط في بنوك المستعمر، لذلك كلما زاد النفط لدى هؤلاء زادت حاجتهم للحماية، وزاد شعورهم بالخوف والذلّة، ولهذا فإن النفط قد يكون سبباً في تأخير حسم المعارك ومنع النصر، لأن الهدف ليس حسم المعركة، بل حسم نقود النفط المودعة في بنوك أمريكا والغرب عموماً. لذلك فإن النفط لا يصنع نصراً، ولا يحسم معركة، وإنما تحسمها وتصنع النصر إرادة من يدافع عن نفسه حقاً وصدقاً وعدلاً.

أترك تعليقاً

التعليقات