عندما يصبح الإرهاب ثورة
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -
لم يأتِ على شعوب الأمة حين من الدهر بلغ به تجهيلها مبلغه، أقله في الماضي المنظور، كما بلغ الآن، أو تم تغييب شعوب الأمة وتغريبها من قبل أعدائها وعلى يد حكامها كما بلغ حالها الآن، أو وصل بها الذل والهوان الحد الذي وصل إليه الآن. وأحد أبرز أسباب ذلك هو طاعة حكام هذه الشعوب لأعدائها، مخالفين توجيهات الله لعباده بقوله سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين» (آل عمران، 100)، ومتى ما أطعناهم تحولنا عن الصراط المستقيم واختلت حياتنا وتغيرت أولوياتنا وبتنا ننفذ ما يريدون دونما إعتراض، بل وفي أحيان كثيرة نحن من يطلب ذلك.
رغم أننا نعرف أنه ليس للأنجلوصهوأمريكي والغرب الاستعماري عموماً أخلاق ولا قيم ولا مبادئ ولا معايير يعتد بها ولا وعود ولا عهود يتم الوثوق بها ولا مواثيق يتم الركون إليها ولا التزامات يصدقون بها، وهذا ليس تحليلا بل حقيقة يخبرنا الله بها من قبل ألف وأربعمائة عام، وتؤكده الشواهد الحالية؛ لكننا تركنا منهجنا وقيادتنا الربانية صلوات الله وسلامه عليه وآله، واتجهنا نبحث عن الحلول من أعدائنا ونبحث عن التقدم نحو التفلت من التزاماتنا والتخلي عن قيمنا وهويتنا؛ يقول الله: «ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا» (البقرة، 217)، وذهبنا لنأخذ مفاهيم الغرب للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتطور والتقدم منهم، ونركن إليهم، إلا قليلا.
ثم تقبلنا أو كثير منا نتيجة للتحريف وقلة الوعي بأن من يحتل أرصنا ويقتلنا وينهب ثرواتنا يريد السلام معنا وعلينا التطبيع معه، وأن مواجهة وقتال الاتحاد السوفييتي هو جهاد، وأن مواجهة وقتال أمريكا والغرب ومعهم كيان الإحتلال الصهيوني فيه نظر؛ لأنهم أهل كتاب؛ رغم أن الكيان الصهيوني ورعاته أمريكا والغرب يحتلون أرضنا ومقدساتنا في فلسطين وسورية ولبنان... الخ، وهم من يصنعون الإرهاب والجماعات الإرهابية، ويغزون دول وشعوب الأمة وينهبون ثرواتها تحت مبرر «محاربة الإرهاب»!
وبرغم تطبيع بعض أنظمة الأمة تحت يافطة السلام، فإن شعوب أمتنا بقيت رافضة لهذا التطبيع؛ فيصنعون لها ثورات من الخارج بشعارات براقة ومطالب مستحقة انطلت وتم قبولها من الكثير؛ لكن أن يأتوا لنا بالمنظمات الإرهابية المصنفة عالمياً حركات إرهابية وهي كذلك بأقوالها وأفعالها وممارساتها وقد مارست القتل والذبح والسحل في شعوب أمتنا على الهواء مباشرة ولا تزال وتصبح بين عشية وضحاها حركات ثورية بامتياز، رغم أن مقاتليها من الخارج أجانب لا يعرفون حتى لغتنا ويقتلوننا وهم محتلون ونحن أصحاب الأرض وأصحاب الحق ونقبل بهذا ونصفق له، فهذه هي الكارثة بعينها إن مرت ولم تصحُ الشعوب من غفلتها وتواجه هذه المخططات والمشاريع القذرة التي تهدف لتدميرنا.
وسورية قد تكون البداية؛ فإما مقاومة وجهاد وعزة وكرامة، وإما استسلام وذل. والعاقبة للمتقين.

أترك تعليقاً

التعليقات