الوصاية وفداحة الثمن
 

د. مهيوب الحسام

إن ما يحصل في اليمن عموماً، وتعز جزء منها، ما هو إلّا دفع لجزء من ثمن فاتورة الوصاية الخارجية التي قبلنا بها من أحد أسوأ كيانات الزيت التي زرعها الاستعمار البريطاني في وطننا العربي، وخصنا بأسوئها جار شمالي في (نجد، والحجاز) خلقه فسواه فوضعه مندوباً له على مقدساتنا بما فيها الكعبة والحرمين، ووظفه برتبة حارس على الثروة كأداة طيعة، ووكله بنا وبالأمة، بالتعاون مع شقيقه كيان (بني صهيون) المزروع في فلسطين قبلتنا الأولى (القدس). لذا فقد قام منذ أن أسسه باحتلال أراضينا، وضمها للكيان من أجل توسيع جغرافيا هيمنته..
إن ما تم من رهن لقرارنا السياسي، وسيادتنا لكيان (بني سعود) تارة، وللأصيل تارة أخرى، أدى إلى ما يحدث اليوم، وما الحاصل ا?ن إلا ناتج موضوعي، واستحقاق طبيعي بما كسبت أيدينا وفقاً لسنن الكون، ووفقاً للعقل والمنطق، وما وقع فيه العدوان ما هو إلا سوء طالع سيؤدي لسوء عاقبته، ذلك بأن تأخر مجيئه قليلاً، ليجد جيلاً غير جيله (رعيله ا?ول)، فهذا فعلاً ما سبب مشكلاً حقيقياً يواجه الوصي (الوكيل) بدرجة أولى، وأصيله، ويؤثر عليهما معاً، وها هو يؤثر، وبوضوح، و?ن هذا جيل وجد نفسه في وصاية لم يخترها، ويرفضها، ورفضه يأتي وفقاً لحقه في الحياة، والعيش بحرية وكرامة واستقلال، اتساقاً مع إرث حضاري، وعمق تاريخي ? يقبل الضيم والظلم والاستعباد، ورافق ذلك استعلاء الكيان الطارئ، واستكبار وغطرسة ا?صيل، ما اصطدم بصخرة إصرار صاحب الحق (الشعب) على أخذ حقه، ومضيه باتخاذ كافة التدابير في الدفاع عن نفسه، وكذا الخطوات وا?جراءات الكفيلة بإعادة حقه الذي سلب منه، وهذا ما لم يفطن له الكيان، والأصيل المشغل معاً، وما لم يدركه الخونة العملاء أدعياء التحرر، ويعلمون أن الوصاية ارتهان، والارتهان تولٍّ، ما يؤدي لعبودية ورق وذلة، قال تعالى: (الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العز ة فإن العزة لله جميعاً) (النساء: 139)، وقال تعالى: (و? تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم ? تنصرون) (هود: 113).
المعنى واضح، ولحسن الحظ أن الشعب أفاق من غفلته، وأدرك خطر الوصاية وتبعاتها، وقرر التخلص منها (شب عن الطوق)، ولم يعد بمقدور الوصي الاستمرار بعد أن بلغ صاحب الحق سن الرشد، وجاء لاستعادة حقه، وسينتزعه. وللأسف أن الكيان الطارئ على التاريخ والجغرافيا، لم يدرك ذلك. ليس لبلادته وغبائه فقط، فبماله يمكنه استشارة أكبر مراكز دراسات وبحوث في العالم، بل ?نه تابع ذليل سخر نفسه لخدمة المشاريع (الصهيوأمريكية) بالمنطقة، لأنه أداة تنفيذية لا أكثر، فهو ليس سيد قراره، و? قرار له أصلاً، لذا فنحن ندفع ثمن قبول الوصاية أولاً، وغباء الكيان الوصي ثانياً، وجهل أصيله بنا ثالثاً، فتولاه من تولى، وتولى هو سيده (ا?نجلوسكسوني)، وإن ما يؤكد صحة الوصاية وقذارة وانحطاط الوصي والمشغل، هو ما حدث قبل العدوان من رحيل ومغادرة لسفراء معظم دول العالم صنعاء، بإشارة واحدة من وكيل العدوان وأصيله، رغم أن الشعب اليمني لم يطردهم، وهذا هو ما يدل على أنهم كانوا يعملون كسفراء (غير مقيمين) لدى وكيل العدوان وأصيله، وصنعاء ليست سوى مقر إقامة فقط، فهم مقيمون عندنا، وليسوا سفراء لبلدانهم لدينا، وما أوصلهم لتوجيه سفرائهم مغادرة صنعاء هو فرار أياديهم إليهم، ما كشف المستور، فقرروا الحرب على الشعب الذي أراد حريته، وأفصح عن ذلك، وما يجري اليوم من هجوم العدوان على تعز من باب المندب إلى المخا، لدليل على أنه يريد تحرير تعز من أبنائها تماماً، ليحل محلهم الإرهابيون التكفيريون، ولا عذر لأحد من أبناء تعز اليوم من مواجهة العدوان (السعوصهيوأمريكي) على تعز، ولهذا فعلينا جميعاً خوض المواجهة حتى النهاية، والقبول بدفع ثمن الحرية مهما بلغ، وذلك لأن ثمن استمرار الوصاية ولو جزئياً أكبر بكثير من أي ثمن ندفعه لنيل الحرية، وإن إقرارنا بقصور ? يعفي المعتدي من مسؤولياته، وتحمل تبعات عدوانه، بل يؤكده، وقد بدأ الد فع، وسيدفع الثمن باهظاً، وأكثر مما توقع، وإنا لمنتصرون، إنهم لمهزومون.
الرحمة والخلود للشهداء، الشفاء للجرحى، الحرية للأسرى، التحية والإجلال وا?كبار للشعب اليمني العظيم بجيشه ولجانه الشعبية، الخزي والعار للخونة، اللعنة على أنصاف الرجال، النصر لليمن، والله أكبر..

أترك تعليقاً

التعليقات