حدس في أفق الرجاء
 

محمود ياسين

محمود ياسين / لا ميديا -
هم يسعون لإبقائها هكذا: لا وحدة ولا انفصال.
اليمني هو مَن يفترض به الحفاظ على وحدة بلاده وسيادتها.
أي منطق في التعويل على من اعتدى على البلاد وعمل على تقسيمها أنه سيحافظ لها على وحدتها؟!
السعودي هو مَن أدار عملية إفراغ القرار اليمني والسيادة اليمنية من محتواهما، وجعل من الصورة الرسمية المعترف بها دولياً غطاء لكل أعمال التجزئة والتخريب، لتبدو تلك الأعمال رسمية ومعترفاً بها.
والآن، تتجادلون حول بيان هزيل من خارجية الدولة التي سيكون من الأفضل لها بقاؤنا هكذا منقسمين!
البيان ما هو إلا عملية إرجاء للتقسيم النهائي، ومحاولة حفاظ على السلطة التي شكلتها هي في الرياض، وليس حفاظاً على وحدة البلاد،...
ناهيك عن كون هذا البيان قد صدر بعد إعلان التزام أممي بوحدة التراب اليمني، فيما يبدو شكلاً من المجاراة لا أكثر.
هي تريد حضرموت تحديداً، نصيبها الأولي والمتفق بشأنه مع الشريك الإماراتي، الشريك الذي أخل باتفاق القسمة، لا الوحدة اليمنية، فكلاهما بحاجة لانتهائها؛ ولكن كلّ بطريقته وحسب توقيته وحاجته ووفقاً لاستعداداته.
الإمارات بحاجة لـ"الانتقالي"، والمملكة بحاجة لـ"مجلس القيادة الرئاسي"؛ أما حاجة اليمن للاستقرار والوحدة والسيادة على كامل التراب الوطني فلن يلبيها إلا يمني متخفف من كل التعريفات المناطقية والطائفية، يمني ينال ثقة الجميع ويجعل اليمن فوق الجميع.
أما السعودي فهو منهمك في التجزئة على مراحل، محافظاً على عدم غلبة أحد على أحد، ليظل الجميع بحاجة إليه على أنه من سيقرر في النهاية صيغة وشكل النظام السياسي وفقاً لحاجته. هو الآن مختلف مع الإمارات بشأن التوقيت ومصير حضرموت لا أكثر. لكنهما متفقان على الأساسيات، وهذه الأساسيات الآن هي تمزيق البلاد والاستحواذ على مقدراتها، استخدام أسوأ ما فيها للحصول على أجمل ما لديها. وهذا لن يتأتى إلا ببقائها هكذا، لا وحدة ولا انفصال.
الكيان متواجد بقوة في النقلات الأخيرة، وكلاهما معه، وفقط: أحدهما ملتزم له أكثر من الآخر.
أما بلادنا فلن تعدم قائداً شريفاً وقادراً على التخفف من أمراضنا الموروثة، ليمنح مستقبلاً في لحظة مباغتة تتجاوز كل الحسابات والتوقعات.
الأخيرة هذه لها علاقة بالتنبؤ والحدس لدرجة اليقين، فهما ما تبقيا لكاتب ومواطن يمني مثخن بأوجاع بلاده ويرى في أفق الرجاء منقذاً محتملاً يخفف عنه قنوط من يرى "أقوياء" بلاده يتسابقون على إضعافها بلا كلل.

أترك تعليقاً

التعليقات