عصا السنوار
 

محمود ياسين

محمود ياسين / لا ميديا -
أفكر فقط
ماذا لو ضبط جيش الكيان أعصابه ولم تدفعه النشوة لنشر الصور الأولى وفيديو مقتل السنوار؟!
ماذا لو تمكنوا من ضبط أعصابهم ونقلوا جثة القائد إلى أحد الأنفاق وألبسوه ما يريدون وما يمنح هيئة سيئة؟!
لم نكن لنصدق؛ لكن ضجيجهم كان ليجعلنا في حالة سيئة.
وكان الغالبية سيرقصون على إيقاع الكذبة، ويجدون صيغة ما وسياقاً للتهكم والشماتة، مع يقينهم بتلفيق الصورة.
أعمتهم النشوة عن اتباع أسلوبهم في تزييف حقائق الأوطان ومآثر الرجال، وقدموا للعالم توثيقاً وصورة مجسدة تتخطى الأساطير، ما يتجاوز حتى تلك الصورة في ذاكرة الأوروبيين للمحارب آرثر، الذي وقف وحيداً على التل ليدافع عن بلاده مواجهاً جيشاً كاملاً بمفرده.
لقد تمكن يحيى من انتزاع أساطير شعوب العالم من صفحات المرويات الشعبية، ومن ذاكرة آخر الجدات، ومن النقوش، ومن أحجار آرثر وفرسانه، من على هامة خيل القعقاع، ومن حوافر جيش المثنى، وانتزع الأسطورة حتى من خالد في اليرموك، وقال لها: كوني بإرادة الواحد الجبار، فكانت اللحظة حشداً من أساطير البشرية ومن حشرجات حناجر أعظم المحاربين وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، وقد واجه كلٌّ منهم جيشاً بأسره، بينما سقط يحيى وقد أفرغ مخزونه من ألم الإنسان وغضبه بوجه كل جيوش الشيطان.
رغم اختناقي بالعبرات والقائد يرمي العصا وقد أثخن الرصاص والشظايا جسده، إلا أنني سرعان ما تعافيت وقد أدركت أن يحيى منح العرب والمسلمين وكل مضطهَدي العالم عصا يتوكؤون عليها ويهشّون بها ضباع الزمن الأخير.

أترك تعليقاً

التعليقات