مشاكل عائلية..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

كلما حلَّ الشتاء في كل عام يجلب لي معه أطناناً من الملل والضجر والسأم والكآبة، ففي هذا الفصل بالذات يدور كوكبنا ببطء شديد، والأيام التي كانت تمر بسرعة البرق طوال العام تصبح بطيئة جداً جداً بشكل لا يصدق، كأنها سلحفاة عجوز تبلغ من العمر آلاف السنين.
وكيف لا يصيبني الاكتئاب وأنا أرى أسواق القات تشتعل ناراً وأسمع لها تغيظاً وزفيرا، حتى صديقي «المقوت» الذي عهدته قصير القامة وسهل المراس، تحول فجأة إلى ديناصور عصبي لا يتحمل أطرف كلمة.
ترددت اليوم كثيراً قبل أن أخرج إلى السوق، ورحت أفتش جميع جيوبي بدقة بالغة، وبعد جمع المئات المتهالكة والقطع المعدنية والعملات المهجورة وجدت أن إجمالي ثروتي كلها 2280 ريالاً، فكتبت وصيتي ونطقت الشهادتين، ثم أخذت نفساً عميقاً وخرجت نحو سوق القات المكتظ بالناس الغاضبين الباحثين عن مشاكل.
استغرق الأمر ساعة عصيبة من المفاوضات مع أحدهم حتى رضي أن يبيعني نصف ربطة بهذا المبلغ، فاشتريتها على مضض وعدت إلى البيت، وأثناء التخزينة كنت أتذكر أن الرجل نهبني ثروتي فيطير الكَيف وأشعر بالاكتئاب والخيبة.
طبعاً فشلت كل أفلام الكوميديا في رسم البسمة على وجهي العابس، حتى قرأت خبراً مفاده أن وزير النقل السابق في حكومة الفنادق «صالح الجبواني» يتهم رئيس ذات الحكومة «معين عبدالملك» بالخيانة والعمالة.
فضحكت أنا والتلفون والمدكى وقارورة الماء حتى دمعت أعيننا من شدة الضحك، هذه الأخبار يا رفاق تغنينا عن كتب النكات السخيفة وممثلي الكوميديا المتكلفين، فلا شيء مضحكاً أكثر من رؤية شخص عديم شرف يتهم عديم شرف آخر بأنه عديم شرف.
إنها مسخرة فعلاً، وكل منهما يعيش الدور أكثر من الآخر، فقد قام «الجبواني» باتهام «معين عبدالملك» بالسماح لطائرات إماراتية بقصف قوات جيشهم المرتزق في عدن مقابل المال، فرد الأخير بتوجيه (النائب العام الخائن مثلهما) بالتحقيق مع «الجبواني» إزاء حملة الإساءات والأكاذيب والتشهير، بحسب وصفه.
فاستيقظت حمية «الجبواني» من سباتها العميق ورد بتغريدة قائلاً: «لا بد من عزلك أولاً على تغطيتك للمذبحة وانقلاب عدن وضياع سقطرى، ثم نمثل أنا وأنت للمحاكمة، فقد عبثت كثيراً أيها العميل».
طبعاً خروج عبارة «أيها العميل» لوحدها من فم «الجبواني» أخذت مني ثلث ساعة من الضحك المتواصل.
المهم.. تحسباً لحدوث أي سوء فهم، فالجبواني هنا لا يقصد مذبحة أطفال ضحيان، ولا يتحدث عن مذبحة نساء أرحب، ولا مذبحة الصالة الكبرى، ولا مذبحة عرس سنبان.
بل يتحدث عن مرتزقة لطالما سجدوا للطائرات وهي تسفك دماءنا، فجاءهم نصيبهم من صواريخ الطائرات ذاتها، ولا فرق سواء كانت طائرات سعودية أم إماراتية، وسواء كانوا مرتزقة للرياض أو لأبوظبي، فكلها طائرات إجرامية، وكلهم مجرمون يتلقون الأوامر من البيت الأبيض.
الموضوع باختصار أن الأمريكي مزوج بامرأتين، وهؤلاء أولاده من الزوجتين يتشاجرون في ما بينهم، يعني هذه مشاكل عائلية لن أتدخل بها.
فقط سأكتفي بالاستمتاع والضحك، وسأظل أفعل هذا حتى ينتهي فصل الشتاء، فلا سبيل للصمود في وجه ارتفاع أسعار القات إلا متابعة تفقيسات المنبطحين.. من اليوم لا مكان للملل.

أترك تعليقاً

التعليقات