جحا..وسياسة الأمريكيين...!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

يعتبر صديقنا «جحا» أبرز الشخصيات العربية التي اشتهرت بسذاجتها الشديدة، وفي الواقع كان يدعي الغباء والبلاهة والحماقة، يوهم الناس بأنه مصاب بداء قلة العقل، في حين أنه أكثر الناس احترافاً وبراعة في استخدام العقل، لدرجة أنه جعل من «المسمار» مصدر رزق مجاني وراح يقتات منه لمدة طويلة.
ففي أحد الأيام جاء إليه رجل يريد شراء بيته، فوافق جحا على ذلك، واشترط في عقد البيع أمراً غريباً، وهو أن يتم بيع البيت كاملاً باستثناء مسمار مغروس في أحد الجدران، ويكون له الحق في أن يأتي لزيارة المسمار وتفقده كلما أحب، فوافق الرجل المسكين على ذلك ظناً منه أنها مسألة وقت وستزول.
لكن «جحا» فاجأه بالحضور كل يوم صباحاً ومساءً للاطمئنان على مسماره العزيز، ودون حياء كان يختار دائماً أوقات الطعام ليشارك الرجل في خبزه ومائه.
وإذا حاول الرجل المشتري التذمر أخرسه العقد الذي يشهد بحق البائع في زيارة مسماره. استمر الحال هكذا لفترة مأساوية طويلة، حتى نفد صبر المشتري المسكين فترك البيت بما فيه وهرب.
هذه الحكاية بالذات، جعلتني أظن أن كتاب «نوادر جحا» يباع في مكتبات واشنطن ونيويورك، بل ربما أنه ضمن المقرر الجامعي في كليات العلوم السياسية هناك، فهذا التفسير الأقرب للتشابه الكبير بين أسلوب جحا وسياسة الأمريكيين.
قبل 4 أعوام اتخذ المعتوه «دونالد ترامب» دماء اليمنيين سلماً للوصول إلى سدة الحكم، وجعل من حرب تحالف الشر بقيادة البيت الأبيض حجة أمام الشعب لانتخابه.
فقد أقنع الناس بأنه يريد السلام الدائم لأمريكا وإبعادها عن كل الحروب والنزاعات، وكان يستخدم مصطلح «السلام» بلا حياء، رغم أن حقده الكبير على ذرة التراب العربية المسلمة واضح للأعمى والمبصر.
استغلال الملف اليمني يتجدد اليوم مع اقتراب موعد قرع طبول الانتخابات الرئاسية وإن اختلفت الأسماء، فالمرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية «بيرني ساندرز» انتقد ترامب بسبب دعمه للغارات الجوية السعودية في اليمن.
ساندرز كتب في تغريدة على «تويتر»: «ترامب قال إنه يريد إخراج أمريكا من الحروب وهو كذب، لقد استخدم العام الماضي حق النقض ضد قرار الحزبين بالكونجرس بإيقاف الدعم للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، مما عزز المشاركة الأمريكية في أزمة إنسانية قاتلة».
ولم يغفل ساندرز انتقاد النظام السعودي ليضفي سخونة خاصة للانتخابات، ولتكون له حجتان بدلاً عن واحدة، وذلك بوصفه لمن يديرون المملكة السعودية بالسفاحين القتلة.
كلام ساندرز هو عين الحقيقة، فلا وجود لسفاحين أبشع من أولئك الدمويين الذين يدعون حمايتهم للحرمين الشريفين، لكنه يقول كل هذا سعياً للحصول على أكبر قدر ممكن من الأصوات ليس إلا، فتلك السياسة ذاتها التي استخدمها المعتوه قبل 4 أعوام، واستخدمها جحا قبل مئات الأعوام، غير أن ترامب وجحا كان لكل منهما مسمار واحد، أما ساندرز فيبدو أنه متطور على آخر موديل ومواكب لـ 2020، إذ جاءنا ومعه مسماران، فتارة يستخدم النظام السعودي، وتارة أخرى يتسلق بدماء اليمنيين.
أيها القوم.. سأقول لكم هذا فاسمعوني: إذا فاز ساندرز بالانتخابات واتضح في ما بعد أنه إنساني فعلاً، فسجلوني في موسوعاتكم كأغبى رجل في التاريخ، واتركوا جحا وشأنه.

أترك تعليقاً

التعليقات