حَيْص بَيْص..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم يحيى / لا ميديا -
لا يوجد شخص ضابح وطفشان أكثر من صديقي هذا، وبصراحة مقدرش ألومه.
طبعاً هو أحد النازحين الذين اشتعلت رؤوسهم شيباً بسرعة البرق بعد بدء العدوان في 2015م.
تخيل تأخذ زوجتك وأطفالك وتخرج من بيتك فجأة بدون مقدمات.
مش عارف وين تروح، وكل تفكيرك أن تأخذ أطفالك إلى مكان آمن.
لا بيت، لا وظيفة، لا راتب، لا شيء.
أنت بلا حيلة.
هذا هو النزوح لمن لا يعرفه، يخليك تشيب في يومين.
والمصيبة لما تخرج من بيتك ومدينتك كثمن لدفاعك عن أنصار الله، وبعدها تشوف نفسك غريب وسط الأنصار...
يعني أنت مش نازح بسبب القصف والغارات، أنت نزحت لأن عيال حارتك يشتوا يدخلوا بيتك ويذبحوك أنت وعيالك بتهمة أنك «حوثي».
وبعدما تنزح تذوق كل أنواع المعاناة والعجز وسط الأنصار أنفسهم.
هذا هو الخذلان لمن لا يعرفه، يخليك تشيب في ستين دقيقة.
قبل أيام كنت مخزن مع هذا الصديق، وكنا نتكلم عن الوضع والحكومة الجديدة وهذه الأمور.
عادنا قلت أعطيه جرعة من التفاؤل، لكن الخبير فصل الموضوع سريع.
قال: يا أخي اسمع، خلي لي حالي.
إحنا اليمنيين مافيش معانا راحة بالدنيا نهائياً، ما معانا إلا الجنة نسعى لها، وكله من تحت رأس أجدادنا الله يسامحهم.
كانوا مكيفين ومرتاحين آخر راحة، معاهم بلدة طيبة ورب غفور.
لكن ما عجبهمش، قالوا ما فيش خراج معاهم.
كانوا يسافروا مسافات طويلة بدون ما يتعبوا، قالوا ماشي ضروري نتعب ونشقى.
مدري أيش «طبزهم» قاموا يدعوا الله يباعد بين أسفارهم.
يعني يكون يمشي تحت لهيب الشمس لما يحرق ويطلع العرق والكور من كل شعرة، مش حالي يسافر بين الخضرة والجو الحالي.
ومالك السماوات والأرض أجاب دعوتهم ومزقهم كل ممزق.
ومن بعدها عينك ما تشوف إلا العذاب، دخلت بلادنا في «حَيْص بَيْص» ولا هجعت.
مرة يغزونا الرومان، ومرة الأحباش.
مرة الأتراك، ومرة البريطانيين، حتى السعاودة معاد استحوش وجاؤوا محشرين.
محد خلي لنا حالنا، وكلما يجي واحد يخرج مدعس مكفن، ويجي الذي بعده.. وعليها.
هذا غير القلاقل والدحيس الذي داخل، والمشكلة ما نحصل حاكم سوى للبلاد إلا كل أربعين سنة.
طبعاً هذا كله كلام صاحبي، أما أنا فأنتم تعرفوني دائماً متفائل ومتأمل.
المهم عادنا جيت أرد عليه وأطرح نظرياتي العظيمة، قام قلب فوقي وقال: يا أخي أسألك بالله خزن سكتة مانش ناقص.
فخزنت سكتة، وسلامتكم.

أترك تعليقاً

التعليقات