حصالة ليز..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

قد يكون هذا العنوان شبيهاً جداً بعنوان المقال السابق، ويمكنكم أن تعتبروها حالة رتابة في صياغة العناوين، فهذا لا ينقص شيئاً من قدري، كما أنني لم أسمع مطلقاً بأن الكاتب الجيد لا يستخدم نفس الكلمة في عنوانين.
تعتبر «الحصالة» حبي الأول في هذه الحياة، فلا أذكر أنني عشقت شيئاً في مرحلة الطفولة كعشقي للحصالات بجميع أنواعها وأشكالها، لكنني رغم ذلك لم أستفد منها أي شيء يذكر، ولو استطعت استخدامها كما يجب لكنت الان أملك «فيلا» فخمة على شاطئ جزر المالديف، أقضي فيها إجازتي بعيداً عن ضجيج الشركات والاجتماعات.
كنت أستغرق شهراً كاملاً في ادخار 500 ريال ثمناً لحصالة، وأذهب بعدها في صباح أحد الأيام لشرائها، وعند الظهيرة أضع فيها 50 ريالاً كفاتحة خير، وما هي إلا بضع ساعات حتى يجتاحني شوق غريب للـ50 ريالاً خاصتي، ومع حلول المساء يكون صبري قد نفد، فأقرر أنني اكتفيت ادخاراً وأذهب مباشرة لكسر الحصالة وإخراج أموالي العزيزة، ثم أندم في اللحظة نفسها بسبب تسرعي، وأبدأ بادخار ثمن حصالة جديدة، وهكذا.
لم يكن لدي صبر أبداً، وعندما أنظر اليوم إلى بعض الناس أندهش فعلاً، إنهم يكدسون الأموال بشكل عجيب جداً وبلا نهاية.
حكومة الفنادق من هذه الفئة الجشعة، ولا مانع لديها في إبادة اليمنيين عن بكرة أبيهم مقابل حفنة من المال، وها قد أتت جرثومة صغيرة من مختبرات أمريكا لتميط اللثام عن بطون هادي وأصحابه التي لا تشبع.
إنني أتحدث عن مهزلة تعامل أولئك مع المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية بخصوص وباء كورونا، تراهم يستمرون بفتح المنافذ والمطارات التي من المفترض أنها تحت سيطرتهم، لدرجة أننا لم نسمع لهم صوتاً عن إجراءات وقائية أو صحية تم اتخاذها، أو حتى نصيحة يتوجهون بها لأبناء المناطق التي وهبوها للمحتل السعودي والإماراتي، وصمتهم هذا منبعه الخوف من أن يقطع أسيادهم عليهم المال.
أصلاً لماذا قد يزعج أحدهم نفسه بينما ينام براحة في غرفته الفندقية بالرياض، ثم يتقاضى بضعة ريالات مخضبة بدماء شعبه ليضعها في حصالته، وربما عندما تنتهي إقامته سيضطر لكسر الحصالة وإنفاق مدخراته في تجديدها!
من شدة المهزلة سمعنا منظمة الصحة العالمية تعتذر عن عدم تأكدها من وجود الإصابات في عدن، وإنما سجلتها بناءً على معلومات المرتزقة، من المؤسف أن تكون حياة أبناء الجنوب المحتل متوقفة على قرارات كلاب مال، لا عمل لها سوى هز أذيالها لابن سلمان مقابل مسحة على الرأس وعظمة في الحصالة.
هؤلاء في النهاية سيكسرون حصالاتهم لتجديد إقامتهم كما قلت لكم، لكن العجيب فعلاً هي حصالة «ليز غراندي» التي ليس لها قعر، هذه المرأة أتت إلينا لجمع الأموال فقط، وكل ما يقال عن التنسيق للأمم المتحدة في الشؤون الإنسانية محض كذب وافتراء.
لا فرق بينها وبين ذلك الذي يغترب ليجمع ما تيسر من المال، وأعتقد أنها قريباً ستذهب لبناء عمارة من 30 طابقاً في بلدها الأمريكي، وستحرص على بناء «طيرمانة» مناسبة للمقيل وتناول القات مع عيال الحارة.
وإلى أن تمتلئ حصالتها علينا أن نصبر على تقليعاتها وتوجيهاتها الخارجة عن إطار الإنسانية، فعلى الأغلب أن المرأة تحولت إلى سياسية من ذلك الطراز الذي يصدر التوجيهات باستمرار، وكل هذه التوجيهات بعيدة كل البعد عن كورونا وإنقاذ الإنسان اليمني من احتمال تفشيه، بل إنها محاولات صريحة لإدخاله وتمهيد الطريق له.
وبالطبع لا يعتبر حديثي عن الأمم المتحدة وحكومة الفنادق تطبيلاً للإخوة في «الإنقاذ»، فهم أيضاً عليهم بذل المزيد من الجهود واتخاذ إجراءات أكثر فاعلية، سواءً في إغلاق المنافذ ومنع دخول الوافدين من المناطق الموبوءة، أو في تجهيز الأمور في المستشفيات وتقسيم المهام بشكل صحيح، ولنا في إيطاليا ونظامها الصحي العظيم عبرة، وبالتوكل على خالقنا لن يضرونا شيئاً مهما حاولوا إدخال الوباء.
بالمناسبة.. لقد كانت كل حصالاتي صغيرة جداً، ولم تكن إحداها تتسع لثمن الصبغة الشقراء التي تخفي بها «ليز» شيبها، لذلك أدركت الآن أن رواتب الأمم المتحدة وعطيات ابن سلمان تُكدس في خزنات كبيرة مؤمَّنة بعدة شفرات، لكن تأثير الطفولة بي جعلني أسمي الخزنة «حصالة».. الله يعين الشعب على حصالاتكم.

أترك تعليقاً

التعليقات