سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -
تتجلَّى مفارقةٌ عجيبةٌ في سلوك كثيرٍ من المثقفين اليمنيين الذين يتباكون اليوم على سيادة الدولة في ضوء أحداث حضرموت، بينما هم أنفسهم من هَلّلوا سابقاً لإدخال بلدهم تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. إنه تناقضٌ صارخٌ يُجسِّد انفصاماً فكرياً وسياسياً، حيث تُهدر السيادةُ حيناً وتُستَحضر شعاراتُها حيناً آخر، وفقاً لمتطلبات اللحظة السياسية ومصالح الأطراف.
والمشكلة اليمنية في جذورها تعود إلى تلك اللحظة التاريخية التي وافقت فيها النخب السياسية على مبادرة الشؤم الخليجية، فَفتحت البابَ على مصراعيه للتدخل الخارجي في الشأن الداخلي. وهذا النهج يختلف جذرياً عما حدث في دول أخرى شهدت تحولاتٍ سياسية، مثل تونس ومصر. ففي مصر، رفض الرئيس السابق حسني مبارك تدويل الأزمة، وقَبِلَ بأن يكون حسابه داخلياً، محتفظاً للدولة بحقها في تقرير مصيرها، حتى وإن حدث تغيير لاحق عبر انقلاب. فكانت السيادة هنا حاضرةً في أبهى صورها: رفضاً من السلطة والمعارضة معاً للوصاية الخارجية.
أما في اليمن، فالوضع اختلف بشكل تراجيدي: باركت السلطة التدخلَ الخارجي، وأيدت المعارضةُ مع كثير من النخب المثقفة إدراجَ اليمن تحت البند السابع. فكيف يُعقل بعد ذلك أن يتحدث هؤلاء عن السيادة وقد تنازلوا عنها طواعيةً؟! إنَّ من احتفوا بالوصاية الدولية هم آخر من يحقُّ لهم رفع شعار «سيادة الدولة».
نقطة نهاية السطر.

أترك تعليقاً

التعليقات