عطسة الراقصة..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

أسفي على ثروتي وأموالي الطائلة التي ضاعت هباءً منثوراً في سبيل اليانصيب الملعون، فقد قضيت طفولتي وأنا أدفع النقود للناس دون فائدة، وليتني فزت مرة واحدة بشيء له قيمة.
لكنني رغم ذلك تعرفت على جميع أنواع اليانصيب، وكنا نسميه في قاموسنا «البخت»، مثلاً هناك البخت الخاص بصاحب البقالة، كان يجلس في دكانه محتضناً (كرتون البخت) بحميمية عجيبة، وهذا الكرتون مقسم لمربعات صغيرة تحمل صور أبطال باب الحارة، وبالطبع كنت كلما وجدت نقوداً ذهبت بها إليه، أسلم له النقود وأتمعن في الكرتون بكل جدية لمدة ربع ساعة، ثم أختار صورة «معتز»، فيفتحها الرجل بأصبعه ويستخرج ورقة مكتوباً عليها «حاول مرة أخرى»، أو في أحسن الحالات «بالونة مثقوبة»، فأذهب مثقوب القلب مسلوب المال.
ثكلتك أمك يا معتز أنت وأبو شهاب وصاحب البقالة. أما النوع الآخر فكنت دائماً أجده في باب المدرسة وقت انتهاء الدوام، ذلك الرجل الذي يحمل في يد أكياساً كثيرة بداخلها ورقة صغيرة مغطاة بحلوى ضامرة منتهية من غزل البنات، وفي اليد الأخرى مئات الألعاب المذهلة والثمينة، وللأسف كلما جربت حظي معه كان يقرأ الورقة بهدوء، ثم يترك الألعاب من يده ويدخلها إلى جيبه، ليعطيني صفارة صغيرة مزعجة تسمى بلهجتنا «الزميطة»، ويقول لي بابتسامة خبيثة: زمط يا ولدي زمط.
فأدير له ظهري وأنا آكل الحلوى المنتهية على أمل الموت، يمكنكم أن تعتبروها أول محاولة انتحار باستخدام غزل البنات هذان شكلان فقط من أشكال اليانصيب المتعددة، فهناك تذاكر اليانصيب الأمريكي التي تباع في 30 ولاية، والقمار والميسر أصلاً يعتبر نوعاً من اليانصيب، المهم أن له أشكالاً وألواناً لا تنتهي.
لكن رغم كل ما رأيناه، يبقى الأغرب والأعجب هو اليانصيب الوهابي السعودي الأمريكي، المهفوف ابتكر هذا النوع قبل عام تقريباً، حيث قام بمنع الشعب المصري من أداء فريضة الحج، باستثناء الفائزين في اليانصيب المخصص لذلك، وفعلاً تدافع المصريون على أبواب يانصيب ابن سلمان.
شختك بختك يا صديقي المصري، إذا كان حظك جيداً ستفوز بإذن جلالة العاهر السعودي لأداء فريضة الحج وزيارة بيت الله الحرام، وإذا كان حظك مثل حظي ستفوز ببالونة مثقوبة أو صفارة مزعجة، أو ربما تفوز بتسجيل صوتي للشيخ عبدالرحمن السديس يقول فيه: حاول مرة أخرى أخي المؤمن، لا تيأس فنحن في انتظارك.
صراحة أنا لم أعلم بهذا التصرف الوقح إلا اليوم، والذي أخبرني بذلك هو أخي «عمرو» بعد مشاهدتنا لخبر إغلاق الحرم المكي بذريعة انتشار فيروس كورونا، وقد خلصنا إلى أن ألعوبة اليانصيب المصرية مجرد خطوة واحدة من المخطط الأمريكي الهادف لمنع المسلمين من زيارة بيت الله الحرام.
لأول مرة في التاريخ تبدو الكعبة المشرفة وحيدة بهذا الشكل المخيف، والمكان المقدس من حولها يخلو من ذرة حياة، أبواب الحرم المكي مغلقة بإحكام في وجه الراغبين بالعمرة، بينما يطوف خدام الحرمين الشريفين حول البيت الأبيض.
وليس ببعيد أن تظل مغلقة حتى في شهر ذي الحجة، فهذه المؤامرة على الشعائر الإسلامية عموماً وفريضة الحج خصوصاً أكبر عمراً من كورونا بعشرات الأعوام، وليست وليدة اليوم، وقد تنبأ بتفاصيلها ومراحلها الشهيد القائد عليه السلام قبل ما يقارب عقدين من الزمن.
العجيب أن قرارهم هذا مقتصر على بيت الله الحرام، بينما أبواب المراقص وحفلات هيئة الترفيه مفتوحة للجميع، ذلك أن عطسة (الراقصة) صحية ومفيدة جداً، على عكس عطسة (الحاج) التي تعتبر حرباً بيولوجية إيرانية.
على العموم، أصبح الحج ممنوعاً علينا جميعاً بدون يانصيب، وحتى لو نفذ المهفوف قرار اليانصيب في اليمن فلن يتغير حظي السيئ، وفي حال فزت بالصدفة وذهبت إلى الحج، سأموت بالرافعة التي تسقط على رؤوس ضيوف بيت الله، أو سأموت اختناقاً أثناء مرور موكب أحد الأمراء بالقرب مني.
يا أحباب الصهاينة.. والله إن «كورونا» ليس أخطر من الرافعة والأمير، فردوا إلينا حقنا من الإسلام، أو فانتظروا جيش الأنصار القادم من اليمن.. طوافاً وجهادا.

أترك تعليقاً

التعليقات