ديوان بيضاوي..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

رأيت في بعض الناس غضباً عجيباً تجاه الأمطار التي منَّ الله بها علينا في الأيام الأخيرة، فهذا يتأفف ويهاجم قطرات الماء بألفاظ نابية سوقية، وذاك يتهمها بأنها نقمة وعذاب إلهي أُنزل علينا بسبب ذنب مجهول اقترفناه!
يا جماعة الخير نحن لسنا قوم «لوط» لنستحق هذا العذاب، بل إننا شعب الإيمان والحكمة، بشهادة خير خلق الله كلهم، ناهيك عن كوننا نعاني التجويع والظلم والجور منذ عقود من الزمن، وقد أذاقتنا الحياة كل أنواع المعاناة والمكابدة، حتى بات العذاب الإلهي آخر شيء قد نستحقه.
أنا لا أنكر الأضرار الكبيرة التي نجمت عن السيول، وأعبر عن تضامني وعزائي لكل شخص فقد عزيزاً أو تضرر منزله أو ماله؛ لكن هذه الأضرار ليست بالمستوى الذي يجعل من الغيث نقمة وعذاباً.
إن كنتم تتساءلون عن ماهية «النقمة» فأنا سأخبركم ما هي؛ «النقمة» بشحمها ولحمها هي تلك الحكومة العفاشية الاستبدادية التي حكمت رقابنا لمدة جيل كامل؛ «النقمة» هي تلك العصابة الإجرامية اللصوصية التي نهبت ثرواتنا والتهمت خيراتنا طوال عشرات الأعوام.
ما الذي قدمه عفاش وزمرته من خدمات بسيطة لهذا الشعب؟! حتى المستشفيات والجامعات الحكومية تكفلت بإنشائها دول أخرى من باب الصدقة، وذلك لأن عفاش اعتاد على التسول باسمنا من باب إلى باب برغم أن لدينا ثروات هائلة تغنينا عن الصدقات، لكنها ثروات حبيسة في بطون الزمرة العفاشية التي لا تشبع ولا تقنع.
إن ثمن قصر واحد من قصور الظالمين كان كفيلاً بإنشاء جسور تخفف من أضرار السيول وبناء عبارات تصريف للمياه لمحافظة بأكملها. كان الأحرى بعفاش أن يبني بنية تحتية لبلاده بدلاً من بناء ديوان بيضاوي فخم يدور حول نفسه كألعاب الملاهي، واستيراد الخمور والنبيذ الفاخر إلى بدرومات قصوره العملاقة.
وكان الأحرى بحميد الأحمر أن ينشئ سداً في صنعاء لاختزان مياه الأمطار بدلاً من إنشاء مسبح يتلون بألوان الطيف في قصره المفروش بالفسيفساء.
أما الجنرال العجوز فلا ملامة عليه، ذلك أنه كان مشغولاً بتسوير الأراضي التي ينهبها، واستيراد السلاح للعناصر التكفيرية، وبالتأكيد لم يجد وقتاً للترهات الأخرى.
وكذلك كان وضع كل مسؤولي الحكومات العفاشية والإخوانية التي تعاقبت منذ السبعينيات وحتى ثورة 21 أيلول 2014، التي قصمت ظهورهم.
كان أولئك اللصوص وما زالوا يتقاسمون حقول النفط في مأرب بكل وقاحة وبجاحة، كأنها إرث ورثوه من أجدادهم وليس للشعب اليمني منها قطرة واحدة.
لقد قال سيدي قائد الثورة في الكلمة الأخيرة إن الحكومة معنية بإيجاد حلول للسيول؛ لكن لا يمكن تحميلها مسؤولية تقصير الحكومات السابقة، وهذا عين العقل، لأنه لو كان في تلك الحكومات ذرة شرف لما جرف السيل أسرة المواطن «فواز الشرماني» في محافظة إب وأودى بحياة أطفال ونساء. ولو كان فيها ذرة إنسانية لاستفدنا من نعمة الأمطار بشكل كبير ودون أضرار، خصوصاً وأننا شعب نأكل مما نزرع. أما حكومتنا الموقرة فلو كان فيها ذرة تركيز لما أتت قناة «العربية» بكل أريحية وحازت على السبق في إجراء مقابلة مع المواطن الشرماني، وكأن أبوابنا مفتوحة لأبواق المهفوف الشيطانية.
المهم يا أصحابنا، نحن لا نعفيكم من مسؤوليتكم، بيعوا قصراً من قصور الظالمين ولو «قطع غيار» وعوضوا الضحايا، وابحثوا عن حل لمنع تجول أمثال «العربية» في المحافظات الحرة، ثم ابدؤوا -ولو بالنية- ببناء سدود في الأماكن المناسبة وعبارات تصريف للمياه من داخل شوارع المدن.
وأنت يا صاحب السروال الضيق والشميز المزركش، لا تشتم الأمطار إذا اتسخت ثيابك بالسيول، وخذ راحتك وحريتك في شتم ولعن عصابات اللصوص التي كانت تحكمنا، فوالله إنها سبب كل بلاء.

أترك تعليقاً

التعليقات