عالم «مارفل»..
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم  الوشلي / لا ميديا -

بطل قصتنا فتىً في ربيعه الـ15، رقيق القلب، ليِّن الفؤاد، بشوش الوجه، هادئ الطباع.. لم يحدث في حياته أن اعتدى على أحد قط.. ولو بكلمة، إلا أن ميوله للسلام لم تشفع له من نبابيت الأشرار وسياطهم، فقد مضت 5 سنوات وهو يتعرض للتنمر والاعتداء من قبل فتوات الحارة وزعمائها الطغاة دون سبب، كانوا يوجهون ضرباتهم إلى كل شبر في جسده النحيل، ولأنه لم يعتدِ على أحد ولو بكلمة، فلا أحد وقف إلى جانبه، أو ندد بالاعتداء عليه.. ولو بكلمة، وإن حاول الدفاع عن نفسه اتهموه بالظالم والمعتدي.
لـ5 سنوات ظل واقفاً في وجه النبابيت التي تهوي على رأسه دون توقف، ومايزال واقفاً حتى الآن.
في الحارة نفسها فتىً في نفس عمره، ويتسم بسماته أيضاً، كان يحاول حل مشاكله الخاصة دون أن يعتدي على أحد، حتى ظهر أحد الفتوات وقام بالاعتداء عليه، ومن العجب أن عصاه كانت تستهدف الورك الأيمن للفتى فقط.
رغم أن هناك فتوة آخر كان يقف إلى جانب الفتى ويحميه، إلا أن ضمير أهل الحارة لم يتحمل رؤية الظلم، لقد استنكرت المدينة كلها ما فعله ذلك المتنمر بالفتى، حتى الذين يعتدون يومياً على الفتى الأول، قالوا إن ما يفعله صاحبهم ظلم وعدوان.. تنديدات كثيرة.. النهاية.
لو لم أكن قد ألَّفت هذه القصة للتو، لأخبرتك أنها تعيدني تلقائياً إلى الأسبوع الماضي، عندما اعتدى أردوغان على سوريا دون وجه حق.
أنا لا أشكك في أن هذا عدوان ظالم ليس له مبرر، ولست أكتب هذا بداعي التقليل من مظلومية إخوتنا السوريين، معاذ الله أن أكون من الظالمين، لكن ثمة غرابة في الموضوع تكاد تقتل ذلك «الفضولي الصغير» الذي يسكنني، ولا أجد تفسيراً مقنعاً.
أعتقد أن ذلك البدائي المنعزل عن العالم في قلب غابات الأمازون، أصبح يعلم أن هناك عدواناً يُشن على اليمنيين منذ 5 سنوات.
إنها عشرات الدول التي تمارس عدوانها ضد الإنسان في اليمن بشكل يومي، لكنني لا أجد حديثاً عن هذا العدوان غير المرئي.
هل ترتدي أيها اليمني عباءة الاختفاء السحرية التي ورثها «هاري بوتر» عن أبيه؟
أم أنك أصبحت بطلاً خارقاً أتى من عالم «مارفل» بقدرته العجيبة على الاختفاء؟
لا أحد يرى ما تعانيه من آلام وأوجاع، فقد مضى نصف عقد على جريمة اغتيال حقك في الحياة، والجميع صامت، كأطفال في الابتدائية وعدهم معلمهم بدرجات إضافية إذا حافظوا على الهدوء.
هناك في سوريا عدوان آخر، وأقسم إنه ليس بنصف بشاعة العدوان الذي تعانيه أنت، لكن العالم استنكر هذا العدوان، مصر والأردن والبحرين والكويت أدانت الهجوم التركي على سوريا، ودول الاتحاد الأوروبي التي تسهم بسلاحها في قتلك أدانت ما قامت به تركيا، جامعة الدول العربية التي باركت انتزاع روحك ظلماً وعدواناً، أدانت العدوان التركي على سوريا، حتى مملكة الإرهاب السعودية أعربت عن غضبها الشديد من أفعال أردوغان، كأنها كانت تقدم لك الورود طيلة هذا الوقت، أما «ترامب» الذي يقود العدوان عليك فقد وصف العملية التركية بالغزو.
واللهِ هؤلاء لا يمزحون، صدقاً لم أعد أدري هل نحن في كوكب الأرض، أم في كوكب «كوميديا» الخاص بـ»سبيستون»!
حظك عاثر أيها اليمني، يبدو أن هنالك من يدعو عليك من صميم قلبه، لدرجة أن عنصرية هذا العالم وصلت إلى مستوى التسمية، وجعلت لعدوانهم عليك الاسم الأقسى «عاصفة الحزم»، وهذه العبارة قد تكون أعنف بألف درجة من عبارة «نبع السلام» التي تذكرني بوالدتي «نبع الحنان» أطال الله في عمرها وأمدها بالعافية.
كنت أظن أن ذلك الوغد المدعو «ويكيبيديا» موسوعة حقيقية، وقد طالبت بتوثيق نظرية لي في سطوره، إلا أنني وجدته يقول إن قتْل نسائك وأطفالك عملية سعودية خيرية لحفظ استقرار المنطقة، ويعترف في الوقت نفسه أن ما يحدث في سوريا عدوان وحشي اقترفته تركيا.
لعنة الله على «ويكيبيديا» وابن سلمان وأردوغان، ثم عزائي ومواساتي لأشقائي السوريين، فأنا اليمني.. ولا أنتظر العزاء.

أترك تعليقاً

التعليقات