ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

إذا سمحتم يا مولاي ترامب الموقر نريد أن نشغل مفاعلنا النووي في المملكة ونحن مستعدون للتوقيع على الإطار الدولي للقواعد التي تتبعها الدول النووية، يقولها ابن سلمان في حضرة الرئيس الأمريكي، وهو صاغر وبصوت خافت لا تكاد تسمعه، أما ترامب بسبب مزاجه المتقلب كأحوال الطقس في أسوأ الفصول، فلم أستطع أن أتخيل ردَّة فعله، ربما ازمهرت عيناه غضباً وردّ بصيحة تكاد تسمعها من على بُعد أميال "ممنوووووع"، وربما انفجر ضاحكاً مستهزئاً وأجاب بكل تهكم: "تستهبل على أسيادك يا مهفوف!"، وفي كلتا الحالتين سيخرج ولي العهد السعودي من البيت الأبيض وقد لبس ثوب "الذُّل" بدلاً عن "البشت" الملكي، وهو يندب حظه ويتمتم بكلمات كلها تشير إلى أن ترامب لا يضع اعتباراً للعيش والملح، ولا تقديراً لارتكاب المملكة أبشع أنواع الجرائم في اليمن، عشان خاطر البيت الأبيض.
هذا المشهد الحواري المثير للشفقة هو ما تخيلته فور سماعي تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، على قناة "CBS" الأمريكية، عندما قال بكل حزم: ليس من المقبول أن تصبح السعودية قوة نووية، ولن نسمح بذلك في أي مكان بالعالم. كما أشار بومبيو إلى أنهم لن يسلموا للسعودية القدرة على تهديد إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
على هامش الحديث عن هذا التهديد صدقوني لو كان التاريخ كياناً له القدرة على التواصل مع البشر، لرأينا تاريخ العلاقات السعودية الصهيونية يعقد مؤتمراً صحفياً تعقيباً على آخر ما جاء في تصريحات بومبيو، ليؤكد أن مملكة الشر ستظل أمَّةً مطيعةً ملكيان الصهيوني، ولا يمكن أن تحنث بتلك الوعود التي لطالما قطعتها لإسرائيل وأمريكا على بلاط الحفلات الفاضحة وفي نصوص المعاهدات المخزية، ولكن قبل أن يُتعب نفسه أخبروا صديقنا التاريخ أن محاولته ستبوء بالفشل ولن تخرج بنتيجة، ليس لشيء، ولكن لأن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وكل المستكبرين على مر العصور قائمة على الانفراد بوسائل القوة، وعدم السماح لأي كيان آخر مهما كان عبداً مخلصاً بامتلاك وسيلة تكون قادرة على تهديد وجودها وهيمنتها، ويجدر بنا هنا أن نستذكر نبوءة المؤرخ السعودي الراحل ناصر السعيد الذي قال في كتابه "تاريخ آل سعود": "لن يتوقف أمراء آل سعود عن قرع كؤوس الخمر مع الرؤساء الأمريكيين". يبدو أن هذه الحقيقة لها دعائم قوية قد تكون "عرقية" أو ربما "عقائدية" لا تتأثر بعنجهية ترامب وتهور ابن سلمان، فالولاء السعودي للمشروع الأمريكي سيظل قائماً، ولن تنال منه خلافات على سلاح نووي "تافه"، حتى جريمة قتل الصحفي خاشقجي التي أحدثت ضجة كبيرة، لم تتمكن من إفساد العلاقة الحميمية بين الدولتين، كما أن تلك الألفاظ المبتذلة التي يطلقها ترامب على المملكة أظهرت لنا كم أن البقرة الحلوب تتمتع بسعة صدر وروح رياضية تجاه أسيادها، ثم هل من المعقول أن تسمح لـ"بقرة" بامتلاك سلاح نووي؟!
على العموم، رجاءً لا تزعل ولا تحمل بقلبك يا ابن سلمان، أصلاً أبوكم ترامب خائف عليكم لا تعوروا أنفسكم كما حدث مؤخراً أثناء تدريباتكم في خميس مشيط، وأنا بدوري من باب الشفقة عليكم فقط رغم أنكم "ماتستاهلوش"، ذهبت إلى أحد الخبراء الاقتصاديين لكي أسأله عن المشروع المناسب تنفيذه بدلاً عن مشروعكم النووي الفاشل، وبعد السلام وتبادل التحايا أخبرني أن أفضل مشروع يتناسب مع عقلياتكم دون أن يُغضب السياسة الأمريكية، هو إزالة منشآت المفاعل النووي النائم في الرياض، وبناء مصنع عملاق للسراويل المصنوعة بأفضل الخامات والأقمشة، ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه.

أترك تعليقاً

التعليقات