عرق صيني!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم يحيى / لا ميديا -
ما أجمل تلك القدرة العجيبة التي لدى الصينيين، أولئك العظماء الذين علموا البشرية نوعاً آخر من الإبداع، وسجلوا للتاريخ مرحلة جديدة من العبقرية!
طبعاً لأن الكثير لا يفكرون إلا من السُرَّة وما تحت، فإنهم لم يعرفوا من عبقرية الصينيين سوى “الزوجة الصينية”، وهذه معرفة قاصرة.
بعيداً عن هذه المواضيع الحساسة، تخيلوا أن الصينيين تمكنوا من بناء فندق بـ30 طابقاً خلال 15 يوماً فقط، وبمواصفات أعلى من المطلوب!!
أنا شخصياً تراودني رغبة بالبكاء، خصوصاً عندما أتذكر أن إنشاء جسر عادي في بلدي يستغرق عقوداً من الزمن وعدة حكومات متعاقبة، فيولد الطفل ويكبر ويشيب ويموت والعمل ما يزال جارياً.
هناك في الصين لديهم أريكة تتحول إلى سرير، وقطارات تسير معلقة في الهواء، وروبوتات بذكاء خارق، بل وصل الأمر إلى اختراع شمس صناعية!!...
أضف إلى هذه العبقرية التكنولوجية أن الصين قوة اقتصادية كبرى، لا يخفى تأثيرها على العالم.
الشخص الطبيعي سيتساءل: ما الذي لدى الصينيين وليس لدينا، ليتفوقوا بهذا الشكل؟!
والحقيقة أن السر العجيب يكمن في شيء يوجد لدينا ولا يوجد لدى الصينيين، وهذا الشيء هو “التصرفات الفردية”.
مثلاً يقوم عدة أشخاص بإيقاف رجل محترم داخل الحرم الجامعي بتهمة تبادل الحديث مع إحدى الطالبات، ويوجهون له أبشع الإساءات بأسلوب مستفز وغير مؤدب، في تصرف سخيف وغير قانوني. وعندما نشكو من هذا الأمر يجيب المعنيون بأن هذه مجرد “تصرفات فردية”، ويكتفون بهذا التبرير.
ينزل بعض الأشخاص لتنفيذ عمليات إعدام بحق الأصنام الخاصة بعرض الملابس، وأشخاص آخرون يتكفلون بمحاربة اللوحات التي تحتوي على صور نساء، ورئاسة جامعة ذمار مشغولة بمنع ارتداء التيشيرت، وفي الأخير يتضح أن هذه كلها “تصرفات فردية”!
يا جماعة، ما هذه الاهتمامات السخيفة وغير المجدية؟! والله لن نرتقي ولن نتطور ما دامت عقلياتنا هكذا.
في الصين لا توجد “تصرفات فردية”، فالجميع يفكر ويعمل وينتج وكأنهم رجل واحد.
أنا أريد أن نكون مثل الصينيين اقتصاداً وعلماً وتطوراً. وبرغم أن الأمر يبدو صعباً؛ لكنني أتمنى أن تنهض بلادنا كما نهضت الصين. ولو أتينا للحقيقة فلماذا قامت ثورة 21 أيلول المجيدة؟
هذه الثورة لم تقم لمحاربة العود، ولا لكسر أنف البرمودا والتيشيرت، ومنع الحديث بين الطالب والطالبة...
هذه الثورة هي مشروع أكبر بكثير من هذه التفاهات، هي ثورة جاءت للقضاء على الفاسدين (وأضع خطاً أحمر تحت كلمة “فاسدين”)، وتحرير البلد من قوى الاستعمار، والنهوض بهذه البلدة الطيبة التي تمتلك ثروات ليست لدى الصين ولا غيرها.
يجب علينا أن نرتقي باهتماماتنا وأفكارنا، وأن نجد حلاً جذرياً للقرارات العوجاء والتصرفات السخيفة التي نراها، بدلاً من البحث عن تبريرات لها.
وإذا استمررنا بالطريقة نفسها فعاد المراحل طوال!

أترك تعليقاً

التعليقات