انتبه تقرأ هذا المقال
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -

قبل أيام كنت مخزن مع أصدقاء في أحد المقايل في صنعاء. وفي ذلك اليوم طل على مقيلنا رجل أربعيني ويحمل في يده صحيفة "لا".
عرفتها مباشرة أنها صحيفة "لا" الرائعة من شكلها وحجمها، استعرتها منه لبعض دقائق. قفزت مباشرة للصفحة الأخيرة أقرأ مقالي العزيز.
حتى انتهيت من قراءته عدت لتصفح بقية العناوين الرئيسية والمميزة دوماً في "لا". وبالذات عناوين الصفحة الأولى. ثم انتقلت إلى الصفحات الداخلية وتصفحت عناوينها بعجل. الصدق لم أتصفح كل ما يحتويه عدد صحيفة "لا" في ذلك اليوم.
لأني أعرف أني لو قرأت كل موادها لن أتخارج إلا مغرب. قلت: لما أرجع البيت بجزع أشتريها وأقرأها. فصحيفة "لا" كعادتها متميزة بسبقها الصحفي وتغطيتها وتنوع موادها الجديدة وإخراجها وكتابها الرائعين وكل شيء.
المهم قبل أن أعيد الصحيفة لصاحبها، كنت وقتها أحدث نفسي: هل أعرف نفسي لصاحب الصحيفة أننا الصحفي زعطان وأننا أكتب بالصحيفة نفسها، وصاحب المقال الأخير، عشان يقرأ مقالي؟ ثم تراجعت منتقداً نفسي: ما لك يا عمر اعقل. هو بيصل من نفسه للصفحة الأخيرة وبيقرأ مقالك وبيعجبه. وربما يسأل، يتحدث عني وعن مقالي أو ربما يضيف رأياً معيناً. الصدق، أنا يعجبنا الشخص الذي يقرأ مقالي أو أي مقال آخر ويعجب فيه. وأنزعج كثيراً من أي شخص يقرأ وبعد أن يكمل يقوم يوجهك، والا يقلك لو كنت كتبت كذا أو فعلت كذا. حبيبي هذا ما يمرق عندي. أيش رأيك تكتب بدلاً عني. جاء شعقب على مقالي. ..
المهم قبل أن أعيد الصحيفة لصاحبها. قمت قلبت الصحيفة على وجهها الأخير متعمداً ذلك عسى أن يشاهد عنوان مقالي في الأخيرة ويجذبه العنوان ويقرأ مقالي.
ناولته الصحيفة بصمت من دون أي تعريف بنفسي أو أي إضافة أخرى. هو أيضا تناول مني الصحيفة. لكنه كان وقتها مشغولاً يهدر ويتفاعل على موضوع فارغ. المهم لف الصحيفة سع السندوتش وحطها على جمبه الأيمن ولم يشاهد الصفحة الأخيرة ولا المقال حقي ولا الصحيفة بالمرة. وهات يا مراعه. أول جلست أنتظره متى بيكمل الهدرة حقه. عشان يرجع يتصفحها ويصل للصفحة الأخيرة ويقرأ مقالي. لكن صاحبنا مكملش. استمر يهدر طريق طريق وصولاً إلى مضيق هرمز. كنت أسمعه مرة ينتقد إيران ومرة ينتقد التصعيد الأمريكي الغير مبرر ضدها و... الخ. ورغم ذلك كنت أوافقه بكل شي. أنا أشتي يكمل الهدرة حقه عشان يرجع يتصفح الصحيفة ويقرأ مقالي. وصاحبنا يهدر طوال التخزينة وأنا جالس انتظره يكمل هدرته الغير مجدية بتاتاً. وبالذات في وجود صحيفة "لا" في المقيل ومقالي بالصفحة الأخيرة. لقد استمر يبحر بهدرته متنقلاً بين مضيق هرمز وباب المندب وإيران وأمريكا، المهم ولا تخارجنا من عبور المضيق إلا بعد ساعة. طبعاً هذا عبور مضيق آخر. مش زي عبور المضيق حق ياسينو الله يعينوا. 
صاحبنا كمل يهدر، قلت خلاص شكله دخل الساعة السليمانية والآن بيبدأ يتصفح الصحيفة. صاحبنا سمع مخزن آخر كان يهدر ويرغي عن المبعوث الأممي، يا ليلة الجن نحنا والمبعوث الأممي ذي الساعة. كان صاحبنا قد بدأ يرفع الصحيفة وبيتصفحها. وما أن سمع هذا الذي يهدر من طرف الديوان عن المبعوث إلا والتفت تجاهه ثم حط الصحيفة جانباً. ورجع من جديد يتفاعل ويشاركه هدرة عن المبعوث الأممي الأخير والذي قبله والمفاوضات كلها. كملت القيلة وأنا أنتظر وأراقب صاحب الصحيفة متى بيقرأ المقال حقي. لقد وصل المقيل يهدر ويثرثر عن كل شاردة وواردة، عن الوضع بعدن وعن طباعة العملة الجديدة ثم انتقل يهدر عن القات الأرحبي وكيف يتم بيعه في مناطق الشرعجية وبأسعار مرتفعة. وانا أنتظر متى بيتصفح الصحيفة.
 وعلى هذي الحالة حتى نهاية القيلة. وصاحبنا يكمل هدرته الولى عن موضوع ما. ثم يعود يرفع الصحيفة محاولاً تصفحها. آخر شي حط الصحيفة وقفز لك يتفاعل مع مخزن كان يهدر بموضوع لا أتذكره. طبعاً هدا المخزن المكسور الناموس من عصر قاعد ملقملها قشر، صامت. والآن قدام المغرب بدأ يهدر وينظر عن ترمب. حدثت نفسي هكذا: يالعينة الجن مله الآن هو وقته تهدر عن ترمب. مله اتركو صاحبنا يقرأ الصحيفة.
رجعت أعاتب نفسي ليش ما كلمته بداية القيلة عن المقال حقي وتخارجت. طيب على الأقل كنت بقرأه له.
تعبت وأنا أنتظر يقرأ المقال. وبالأخير شتمته بصمت هو والذي بالمقيل كلهم وغادرت. من الظهر وامله وصاحبنا يرفع الصحيفة عشان يتصفحها ثم يسمع هدرة ويتفاعل مع الهدرة ثم يحط الصحيفة جانباً. شخص زي هذا يعجبه يهدر كثير وبكل شي. لا تصدق أفكاره أنه يحب القراءة. وأيضاً لا تركن على أبوه أنه بيقرأ مقالك. زي هذا والله حتى لو قاطعته بالحديث عشان يرجع يتصفح لن يقرأ وقت التخزينة ولا بعدها أيضاً. شخص زي هذا والله لو يخزن بكل أشكال وأنواع القات. ما مسكت عنده الساعة السليمانية حتى شعرة ولا قرأ.
 بيستمر يهدر حتى لليوم الثاني. مله ايش باقي نفعل لكم يا خلق الله. مثلا نكون نفعل لكم سهم طويل حربة فوق الصحيفة يشير تجاه المقال؟ والا نكتب لكم عبارة كخدعة زي المصريين هكذا "انتبه تقرأ هذا المقال". والا نفعلكم غمازات ولمبات جذابة فوق المقالات حقنا. هو مقال مش كافتيريا. وانت يا صاحبي اقرأ والا عمر أبوك لا قرأت.

أترك تعليقاً

التعليقات