زفة نيس وعجوز ركن!
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -
مرة قمت باشتغل مقاولات، قدنا شاقي باليومية، أشقي ليوم الخميس واستلمت حقي الزلط وروحت أسمُر. قلت: لا. ما به إلا نغير المهرة ونقع مقاولين. قفزت أنا وصديقي عبدالله الهريش نتقاول. 
كان معانا شاقي من حق البلاد وقد سمع هدرتنا على المقاولة كلها، وصباح اليوم التالي جاء صاحب البلاد هذا يدق علينا الباب، ويعرض لنا أنه في ضربة مقاولة. ايش هي؟ طلعت زفة نيسة. وأخبرنا أن صاحب العمارة التي يشتغل فيها يدور من يطلعها للدور الثالث وبالقوال. قلنا لصاحبنا إبشر نحن لها.. وقفزنا بنفس الوقت للعمارة. قلت للهريش: إذا صاحب العمارة قطع سعر، أنا بارفض، تمام. وأنت ابقى نص بنص، يعني موافق ومش موافق عشان نرفع السعر.
وصلنا للعمارة وقد استقبلنا في حوش العمارة رجل مسن في الثمانينيات. كان لواء مدري عميد ركن سابق، المهم متقاعد منذ سنوات، سألنا: من أنتم؟ قلنا: نحن مقاولين وتابعين فلان. قال: أيوه أيوه، هيا تعالوا برويكم مكان الزفة النيسة وإلى أين تطلعوها. مشينا الاثنين خلف الرجل الثمانيني العجوز لعند زفة النيسة، وما شاء الله على زفة نيسة وخضراء.
على طول، العجوز طرح سعره وقال بجيب لكم فيها 3000 ريال يمني مقابل إنكم تطلعوها بالكامل للدور الثالث.. على طول، صديقي الهريش وافق. وتورطنا ورطة الجن. حاولت أرفض السعر، أبدي تبريراتي وأن الزفة كبيرة و... و...، أسمع لك صديقي الهريش يبسطها لي وأنه بانفعل فيها للظهر وخلاص وكملنا. أحرجنا أمام العجوز الركن المتقاعد.
المهم توكلنا وبدأنا نشتغل، الهريش طلع يجلس في نافذة بالدور الثالث حيث البكرة وعشان يلتقف بالدي (سطل) النيسة ويصبه داخل غرف الدور الثالث. أما أنا بقيت في الأسفل أعبي البالدي الفاضي وأرجع أسحب الحبل والهريش يلتقف في الأعلى. وعلى هذا حتى تقطعين يداتي من الحبل. رجع الهريش رحمنا ونزل يأخذ مكاني يسحب الحبل، وأنا طلعت ألتقف بدلا عنه في نافذة الدور الثالث. الهريش كان يسحب ببطء جدا. لحد إنه يرغمنا أتنرفز وأصيح عليه: هيا اسحب. وهو يشوّق ويلوّق من الأسفل.
لحظات إلا وقد صديقي الهريش يشتي يطلع بقعته بالنافذة يلتقف. وجلسنا على هذا الحال نتبادل الأدوار والأماكن وزفة النيسة ولا تحركت. يا لطيف على ودافة بنت كلب.
أجا وقت الظهر وقد حالتنا حالة، والزفة النيسة ما طلع منها إلا حوالي ثلث. قده وقت ظهر وعمال العمارة الآخرون يذهبون للغداء ويعودون، قلنا لهم ونحن من بايغدينا يا خلق الله. ردوا علينا: أنتم مقاولين، وما بتستلموا إلا بعد أن تخلصوا ترفعوا زفة النيسة كلها.. لعينة الجن والودافة وغضبي عليك يا هريش والذي يقاول معك. كنا منهكين وجوعانين وحالتنا يرثى لها. وما فيش حل أمامنا إلا أننا نهرب. أو ندور من يغدينا ونكمل زفة النيسة.
بعد تفكير وكيف بانتغدي، ذكرنا أن شخصاً من أبناء البلاد ساكن قريب من مكان "المقاولة الودافة" حقنا. مباشرة قفزنا لعند صاحب البلاد. وصلنا ندق باب منزل يوسف العكيش (رحمة الله على روحه). وقد تفاجأ وعزمنا على الدخول، وتغدينا أحلى غداء. رجعنا مرة ثانية لفوق زفة النيسة وهات يا شغل حتى آخرة الليل. وذهبنا ندق على العجوز صاحب العمارة، عشان يحاسبنا الـ3 الآلاف حقنا.
كان العجوز حينها يستعد للنوم، وما رضي يحاسبنا إلا بعد أن خرج إلى الحوش عشان يتأكد إذا كنا رفعنا الزفة بالفعل أو نكذب عليه. وبعد أن تأكد دفع لنا زلط المقاولة 3 آلاف ريال لا غير.. تقاسمناها أنا والهريش النحس. قلت للهريش: أقسم بالله ما عاد أقاول معك لو يدفعوا بالزفة النيسة 10 آلاف ريال. قال لي: ولا أنا. سالته إيش استفدنا، الشاقي يستلم 1300 ريال باليوم الواحد ويروح بيته قبل المغرب. ونحن كل واحد حصل على 1500 ريال، يعني الفارق 200 ريال يا هريش. ودفعنا الفارق حق باصات وعدنا سالمين غانمين مقاولين مجعوثين جوعانين ويا لطيف، كأننا ذهبنا نأخذ دورة عسكرية عند العجوز الركن.. سلام الله على الدورة العسكرية يا هريش.

أترك تعليقاً

التعليقات