ديمة خلفنا بابها
- عمر القاضي الجمعة , 15 مـارس , 2019 الساعة 6:47:13 PM
- 0 تعليقات
عمـر القاضـــي / لا ميديا -
يبدو أنه التحق بالمسيرة مؤخراً!
بدا هذا واضحاً من شكله الخارجي، ومن خلال بندقيته التي طبعت الصرخة على قشطتها، وصورة صغيرة لشهيد ارتزح عليها طوال القيلة.
حكى عن بطولات الشهيد صاحب الصورة بإيجاز، وأنه استشهد في جيزان وهو يدافع عن الأرض والعرض والكرامة ضد المحتل القذر.
أما من ناحية ثقافة هذا الملتحق حديثاً بالمسيرة، فإنه ما زال يدفع بنتانات وهابية، رغم أني سمعته وهو "يصرخ" بعد انتهاء كلمة السيد عبد الملك مباشرة قبل دقائق.
لقد تشتت جميع من في المقيل بخوض نقاشات عدة. ومن حظي التعيس أن الملتحق الجديد كان بجواري.
تحدثنا في أمور عدة، حسمنا جبهات، وطردنا المحتل السعودي الإماراتي، واستعدنا أراضينا المحتلة من التحالف الغازي... وصولاً للنقاش عن الأغاني.
وهنا عصلج الملتحق الجديد رافضاً الأغاني. تعاركت معه في ذلك، بينما كان هو يتقيأ رذاذ وهابيته المستعصية لعرضي. ديمة خلفنا بابها!
أحياناً أشك أن البعض يعتقدون أن الانتماء للمسيرة ولحركة أنصار الله لا يكون إلا على هذا النحو من التطرف.
يقرؤون ملازم السيد حسين بدر الدين الحوثي عكس. يعني يقرؤونها بمذاق كتب ابن تيمية وابن باز والألباني، التي حولت الوطن العربي إلى مستنقع للصراع والدم.
هذا المستجد ذهب يستعيد التطرف الوهابي نسخ لصق، بعد أن أخفقت الوهابية في تنفيذها كما كانت تطمح، معتقداً أن هذا هو الهدف والمشروع الذي تسعى إليه حركة أنصار الله! لا يا أخجف، أنت غلطان! حتى وإن كان ذلك ضمن مشروعها فهذا غلط وألف غلط وسيرفضه الجميع.
الملتحق الجديد رفض الفن والغناء بالكامل، وهذه قناعته الخاصة. المجحف أن يحاول فرض قناعته هذه على من حوله. هذا الذي نخشاه جميعاً.
مجرد سؤال. هل صادفتم مشرفاً يسمع أغاني؟! بالنسبة لي أنا: لا.
لكن الغناء أو رفضه ليس مقياساً للتطرف ولا لأناقة الشخص.
أحيانا تلقى شخصاً يسمع أغاني ولكنه متطرف في أمور عدة. وأحيانا شخص لا يحب أن يسمع أغاني وتلقى روحه جميلة.
المهم لا أريد أن أصادف كائناً يتضايق من الأغاني، كان من كان، لأنه سيذكرنا بزيف ومرض الإخوان والسلفيين سابقاً، وأنا غني عن تذكر ذلك.
شهادة لله: الجميع يغني. ولم أصادف أي شخص يشتكي أن أنصار الله مارسوا أي مضايقات ضده.
لكن لماذا بعض من ينتمون إلى حركة أنصار الله يحاصرون أنفسهم من الغناء وكأنه رذيلة ومحرم؟!
من أوعز لهم بذلك لينزلقوا نحو التطرف؟!
لا نبينا محمد صلوات الله عليه وسلم حرم ذلك، ولا حرمته الزيدية ولا الصوفية ولا المعتزلة ولا الشافعية ولا الاثنى عشرية... وحدها الوهابية حرمت الغناء والموسيقى، والبنطلونات والمكياج والموز والفساتين والصور والرياضة والصحافة والشعر... وصولاً لتحريم فناجين الشاي!
واضح أن عصلجة وتطرف الملتحق الجديد هذا كانت الوهابية هي سببها.
لقد حاول أن يحذو حذو خزعبلات وتطرف الوهابية بحذافيرها. وهو يبذل جهداً ليقنعنا بأن الأغاني مكروهة، وسماعها حرام أو شبه حرام. هذا ما فهمت من كلامه. ولا أثق أنه سيبقى على قناعته هذه من الأغاني. ربما قناعته تتمدد مستقبلاً، وقد يفاجئنا بأن لديه فتوى وحديثاً يحرم سماع الأغاني والزوامل معاً!
حاول إقناعي وفشل. ولن يقدر على ذلك. لقد فشل بالفعل، لعدة أسباب، منها أنه كان غير مقتنع بما يحاول إقناعي به من أن الأغاني حرام.
أيضاً ليس لديه دليل واضح على ذلك. وحتى وإن كان لديه ألف دليل، سيجد نفسه فاشلاً، ومتورطاً في إثارة وإقلاق المزاج الفني العام، ومحاولة طمر هوية وثقافة شعب بالكامل. وهو يروج لخزعبلات الوهابية بفم أنصار الله والمسيرة القرآنية. ولو تعرفون كم هذا مخيف يا أنصار الله!
لقد تلعثم كثيراً وهو يحاول أن يستدل بشطف حديث ضعيف من حق الإصلاح والسلف الصالح، لكن لم يوفقه الحظ، بقدر ما كان يتذكر أسلوبهم الموحش وغير المرحب به سابقا وحاضراً.
لم يجد شطف حديث ولا فتوى صادرة عن علماء الزيدية أو من حركة أنصار الله تحرم الغناء، وإلا كنت حظيت وقتها بلبجة ما بها شي، وراح الغناء ملح.
هناك أصوات نشاز تتعالى لتكرر أسطوانة الوهابية الدخيلة على ديننا وثقافتنا وعادتنا.
أعرف أن خزعبلات كهذه غير واردة في ديننا ولا ضمن أهداف المسيرة والحركة أيضاً، ولن ترد بالمرة، والله أعلم! الأغاني اليوم شبه محرمة أو مكروه سماعها. وكذلك الرقص والاختلاط، والشعر والغزل أيضاً. وعلى إثر ذلك أغلقت مطاعم بذريعة الاختلاط قبل شهرين، وشطبت وجوه صور عارضات من فوق اللوحات الإعلانية قبل عام ونصف.
وفي حال تماهت سلطة الأمر الواقع مع ما يحدث، ربما غداً ستسمعون دعاوى تحرم الزوامل والشيلات والمزمار و... الخ، ورجعنا من جديد!
يا مجلس سياسي، هناك ثقافة نتنة تسري بصمت تدعو للتطرف. وهناك تماهٍ مخيف معها، تطرف مقيت لا يفيد الوطن بشيء، كما أنها لا تنتمي لعاداتنا وثقافتنا بأي صلة، ونحن في غنى عنها.
هناك قضايا وطنية واقتصادية وأمنية هامة بدلاً عن التماهي مع التطرف.
المصدر عمر القاضي
زيارة جميع مقالات: عمر القاضي