الإصرار المدمر!
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -
في الوقت الذي تبذل إدارة المرور جهدها طوال الوقت وتنشر التوعية والإرشادات على الطرقات وفي البروشورات وتنظم السير، لكن للأسف أغلب السائقين لا يعيرون ذلك أي اهتمام ولا يلتزمون لأجل سلامتهم، فتجدهم مصرين على التجاوزات والمخالفات والحوادث المأساوية تتكرر.
لقد شاهدت أربعة جنود يتبعون الضبط المروري يقفون في إحدى جولات العاصمة، كنت وقتها على متن دراجة نارية، وكانت الجولة مقطوعة وسائق الدراجة التي أنا على متنها مصراً على العبور، بينما جندي الضبط المروري يمنعه والسائق يحاول يمزح معه لأجل العبور في الوقت الذي كان فيه خط آخر يمر...
لقد استفزني سائق الدراجة وصرخت فوقه لماذا أنت مصر على العبور؟! لماذا أنت مستعجل؟! يا أخي التزم بالنظام والقانون. امتعض السائق وانزعج من كلامي.
ننتقل إلى النظافة، في الوقت الذي يبذل فيه عمال النظافة كل جهدهم لتنظيف الشوارع تجد 99% من المواطنين يرمون مخلفاتهم للشارع. يشرب الشاي السفري أو علبة الماء ويرمي الكوب أو العلبة للشارع. يشتري الشوكولاتة ويرمي غلافها للشارع بكل وقاحة وفي أي مكان. وإذا نصحته يرد عليك يا أخي هجعنا الكل يرمي ما حلقت إلا عليّ أنا!
في الوقت الذي تبذل فيه الجهات الأمنية والرسمية كل جهدها لمنع الأصناف والمواد والمنتجات المستوردة المحظورة لأجل يتشجع المنتج المحلي تجد مثلا بعض التجار مصرين على تهريب وإدخال الثوم والفواكه إلى اليمن، هذا واليمن متروسة ترس بالثوم والفواكه. والجميع يرجع ينتقد الدولة والنظام والقانون. لماذا لا تساعد القانون والنظام بالتزامك؟! لا. أنت تقف عائقا وترفض كل ما يفيد المصلحة العامة، ومستمر بالتجاوزات العشوائية وعدم الالتزام بأي إجراءات ونظام وقانون.
الكاتب والصحفي العالمي؛ روبرت فيسك، كتب مقالا في هذا الخصوص قال فيه: “أتعلمون لماذا بيوت العرب في غاية النَّظافة، بينما شوارعهم على النَّقيض من ذلك.. السببُ أنَّ العرب يشعرون أنَّهم يملكون بيوتهم، لكنهم لا يشعرون أنَّهم يملكون أوطانهم”.. هل فعلاً شوارعنا متسخة وعفنة، لأنَّنا نشعر أنَّنا لا نملكُ أوطاننا؟!
وعلل فيسك أن هذا “يرجع إلى سببين:
الأول: أننا نخلطُ بين مفهوم الوطن ومفهوم الحكومة، فنعتبرهما واحداً، وهذه مصيبة بحدِّ ذاتها، الحكومة هي إدارة سياسية لفترة قصيرة من عمر الوطن، ولا حكومة تبقى للأبد، بينما الوطن هو التاريخ والجغرافيا، والتراب الذي ضمَّ عظام الأجداد، والشجر الذي شرب عرقهم، هو الفكر والكتب، والعادات والتقاليد”.
وأوضح فيسك قائلاً: “والمصيبة الأكبر من الخلط بين الحكومة والوطن هو أن نعتقد أننا ننتقم من الحكومة إذا أتلفنا الوطن..! وكأنَّ الوطن للحكومة وليس لنا”.
وأضاف فيسك: “ما علاقة الحكومة بالشارع الذي أمشي فيه أنا وأنت، وبالجامعة التي يتعلم فيها ابني وابنك، وبالمستشفى الذي تتعالج فيه زوجتي وزوجتك، الأشياء ليست مِلك مَن يديرها وإنما مِلك مَن يستخدمها.. نحن في الحقيقة ننتقمُ من الوطن وليس من الحكومة”.

أترك تعليقاً

التعليقات