فخ الوظيفة وذراع الرعوي!
 

عمر القاضي

عمـر القاضي / لا ميديا - 
“شبر مع الدولة ولا ذراع مع الرعوي”، هذه المقولة أو المثال الشعبي المتداول في أفواه الغالبية كان مقلب وفخ كبير وقد وقع فيه الكثير منا. مضمونه الذي يعرفه الكثير منكم هو الركض والحصول على وظيفة ما بالدولة، ولو يدفع ما فوقه وما تحته لأجل يحصل عليها. وهذا ما قام به الكثيرون وركضوا على الوظيفة وحصلوا عليها إما عبر الوساطات أو بالرشاوى والمال والقليل منهم من حصل عليها بالصدفة.
من عنوان هذا المقال، والذي مفاده أن الوظيفة مع الدولة دائمة وبراتب مستمر لا ينقطع حتى لو كان راتب صغير جدا بعكس العمل غير الدائم مع الرعوي حتى لو كان الراتب كبير جدا. فطبيعة الإنسان يسعى خلف ما هو دائم غير منته ومستقر بدون تهديدات وخصومات وقلق من الفصل والنهاية.
وهنا كانت الودافة، فعلى إثر هذه المقولة سعينا خلف الوظيفة العامة وتركنا الأرض والرعوية والزراعة وذهبنا للمدن للدوام في مقرات الوزارات والمكاتب الحكومية وبأجر زهيد تخرج معه نهاية كل شهر غارق بالديون، بالإضافة إلى طبيعة العمل في الوظيفة من روتينية وجمود يقيدك لتبقى أسير الوهم وعلى الفاضي.
لقد أوهمنا بإغراءات الوظيفة العامة والخاصة وسعينا نركض خلفها ودفعنا كل قدرتنا وطاقتنا لأجل الحصول عليها، لقد وقع الكثير منا في فخ الوظفية. الوظيفة التي تحولك إلى عبد لرب العمل ومدير المؤسسة الفلانية وبمقابل راتب شهري لا يغطي متطلبات أسرتك الشهرية. فترغم على أمرين إما التعويض بشغل إضافي آخر، والأمر الثاني وهو المجحف لكثير من الموظفين أنك ترغم على التكيف على هذا العجز والنقص وتبقى مستلسم لواقعك المزري أو تنزلق إلى هاوية تلبية متطلبات أسرتك عبر الاستدانة من الآخرين وتتراكم عليك الديون إلى يوم القيامة الصبح!
سيقول شخص ما: احمد ربك إنك موظف. نعم سأحمد ربي على الوظيفة، ولكن هل تعرفون معاناة الموظفين؟ هنا أتحدث عن الموظف أيام ما كانت تُصرف رواتبهم كل شهر، أما الآن ومع انقطاع الرواتب فإن معاناة الموظفين زادت دبل، بل وبعشرة أضعاف. أليس الموظفون وبكل مستوياتهم الوظيفية وقعوا بفخ كبير؟ نعم وقعوا بالفعل في فخ وكارثة محزنة، والله يفرجها على الجميع.
وهناك البعض من الناس ما إن يعرفوا عن الشخص الفلاني أنه موظف في الدولة ويستلم راتب يقوم يحسدك على وظيفتك ولا يعلم معاناة الموظف وكوارث الوظيفة. فقط هنا سأحكي لكم جزءًا من معاناة الموظفين الذين مازالوا يعملون، إما في القطاع الخاص أو تابعين للدولة ويستلمون راتب شهري ما بين 50 و150 ألف ريال شهرياً. هل تعرف كم هي متطلبات الموظف الشخصية لوحده فقط؟! إنها تتجاوز الـ100 ألف ريال يمني على أقل تقدير، هذا من دون متطلبات أسرته والإيجار، والتي تتطلب 200 ألف ريال شهرياً على أقل تقدير.. فماذا سيغطي لك راتب الوظيفة؟! بالتأكيد ولا شيء..

أترك تعليقاً

التعليقات