البيجو
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -

كانت فرزة البيجوتات حق صنعاء تكتظ بمئات المسافرين. أما الآن تجزع من جوار الفرزة أمانة تفتجع من ذلك الفراغ المخيم عليها ونزوح الركاب منها.
كانت الفرزة أيضا تكتظ بمئات شناط المسافرين والركاب وأصوات مندوبي الفرزة القارحة التي يرتد صداها من داخل جامع الشهداء، هكذا يصرخ مندوبو الفرزة، قعطبة باقي راكب، تعز ماشي. ذمار باقي نفرين. اطلع. هات الشنطة حقك. ثم يأخذها منك ويرميها بسقف البيجو، ثم يطلب منك هات الكيس الذي بيدك. ترد عليه لا هذا فيه أشياء كسر بحطهم قدامي بالكرسي. يلا تمام اطلع.
مازلت أتذكر السفرة هذه في سنة أولى جامعة. ومازلت أتذكر ذلك البيجو الجندرما المشقدف، ويبدو أنه تم تصنيعه أثناء الثورة الجزائرية العظيمة. لكن البيجو لم يعد عظيما وأصبح مدقدقا. بعد أن ركبنا البيجو وسجل المندوب اسمي وأسماء بقية الركاب في دفتر الكوشن، ودفعنا الأجرة، انطلق بنا سائق البيجو باتجاه خط تعز وصولاً إلى حزيز. وهناك بدا لنا بالواضح أننا تورطنا بودافة كبيرة وأن البيجو خارب. لقد بدأ البيجو يبطئ سرعته، وفجأة انطفأت المكينة وتوقف. وعلى محاذاة الإسفلت جنب السائق البيجو الجندرما. ونزل يجري يفتح الكبوت حق المكينة ويدق عرض المكينة. كنا جميعنا في الداخل نسمع دقات السائق القوية. وقد أغلق الكبوت وعاد إلى الداخل وشغل البيجو من جديد، قلت محدثا نفسي والله دقاته القوية للمكينة كانت موفقة البيجو اشتغل. لقد انطلقنا إلى نهاية قاع القيضي. وهناك توقف البيجو مرة أخرى. يا لعينة الجن والودافة. سبقته أنا قبل أن ينزل يدق وقلت له أنزل أدق المكينة؟! خلاص قد عرفنا أين مكان العطل حقه. نزل السائق يجري وفتح الكبوت مرة ثانية وبدأ يدق بقوة أكثر من السابق. عاد مجدداً للداخل وشغل البيجو ومشى إلى منطقة يسلح، وهناك توقف. قلت شكله بيضبح من الدق وبنرجع كلنا ننزل ندق. راكب كان معانا يقعد بالخانة الأخيرة قال للسائق على كذا تعب. ليش ما تصلح حقك البيجو؟ قال السائق سعليك، هو كذا يفعلني كل مرة ويرجع يمشى طبيعي. أقسم لكم وصلنا تعز الساعة الثامنة صباحا بسبب التوقف والدق للمكينة مع كل نصف ساعة. ويفترض كنا نصل الساعة 4 فجراً. 
كان البيجو يتوقف وصاحبنا في المقعد الأخير يغضب ويقول أمانة ودافة، والله يلعنه من عد بيركب بيجو. يا أخي عيب عليك جزعه أطرف ورشة ويصلحه المهندس مرة واحدة بدل ما تعذبنا. والسائق يرد: آخر الليل مغلقين. وصلنا فرزة تعز ونحن ندق. ما قد شفت سفرة زي هذه السفرة. هو ينزل يدق والركاب ينزلوا يقضون غرضهم ويدقوا حبة دخان. يرجع السائق يشغل البيجو حقه ويدعي الركاب هيا قد تأخرنا اطلعوا قبل أن يطفي.
رد راكب: يشتغل ولا عمر أبوه لعد اشتغل. وإذا اشتغل مكانه بيطفي بعد نصف ساعة.
المهم رجعت للفرزة في 2013 قلت أعمل تحقيقاً عن المعاناة التي تعيشها الفرزة بسبب نزوح الركاب الذين لم يعودوا يرغبون في السفر على متن البيجوتات. وهذا بسبب ظهور وكالات السفريات المتعددة وظهور الباصات الحديثة وغيرها.
وهذا أثر على الفرزة وسبب لها الدمار والموت. كتبت مادة حلوة ونشرتها بصحيفة «الثوري». وقد تواصل معي الأمين العام لنقابة وسائل النقل. ومدري من أين طلع رقمي. اتصل يشكرنا وكان متجمل مني بحالة، لأننا كتبت ودقيت بقية الوكالات وأصحاب سيارات الهيلوكسات والباصات التي تحمل من خارج الفرزة. وقال أمين عام النقابة إنه عمم على جميع السائقين في أي وقت تريد تسافر وإلى أي مكان ببلاش وعلى حساب النقابة. وأضاف يبشرني أن النقابة عممت على سائقي الفرزة بأن يحملوا في خانة وسط ثلاثة ركاب فقط بدلاً من 4 ركاب كما في السابق.. قلت له وكمان عمموا عليهم يصلحوا حقهم البيجوتات بدل ماينزلوا يدقوا المكائن حق البيجوتات كل نص ساعة. ومن وقتها وأنا أدق طريق طريق. «دق الأعوج يمشي سابر» سع البيجو.

أترك تعليقاً

التعليقات