محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
 تجري حالياً الترتيبات والاستعدادات الحثيثة من قبل «الحوثيين» في مختلف مناطق السيادة للاحتفاء بالذكرى السنوية لميلاد النبي (محمد صلى الله عليه وسلم)، الذي عرفته أنا حقاً وكعقائدي ماركسي (وملحد بالدرجة الأساس) من خلالهم فقط، رغم كل ما يشاع عنهم من قبل زنادقة العقيدة بكونهم سبابة الرسول وأهله وصحبه والفئة المارقة عموما على الرب وشرائعه.
وذلك بالنظر إلى أن القيم الدينية التي استشرفناها من خلال المبشرين «الحوثيين» كانت خالية بطبيعة الحال من كل مظاهر الإفك والفجور والفساد والرذيلة القيمية والأخلاقية التي يكتظ بها القاموس التبشيري لعصابات المطاوعة من تحالف اليمين الديني والعشائري (حزب الإصلاح وأعوانه) - باستثناء العنصرية السلالية والعرقية طبعاً، التي لا تزال مخيمة ومعشعشة في عقلية «الحوثيين» ككل فئات وطوائف اليمن المارقة على القيم والمبادئ الإنسانية.
فالدين الذي عرفناه وتعرفنا عليه حقا من خلال «الحوثيين» كان من الدعة والبساطة والفاعلية بحيث لا تجد في أوساطهم من يفتي بإهدار دم مسلم - أياً كان؛ كون هذا المبدأ محرماً شرعا في مجمل المذاهب والاتجاهات الشيعية، مثلما لا تجد في أوساطهم أيضا من يدعو أو يشرع للنهب والسلب والقتل والسحل لأرواح وأموال وأعراض المسلمين... وباسم الرب والشريعة ذاتها، بالطريقة التي دأب عليها خونج الرذيلة على امتداد تاريخهم الوجودي المشؤوم وبالشكل الذي نجحوا من خلاله بخلق هوة حقيقية وواسعة تفصل بيننا وبين الرب وشرائعه الدينية التي ظلت ولا تزال عرضة يومية للهدم والشذوذ والتشويه العمدي والممنهج من قبل النخب الخونجية المختلفة وأعوانهم، قاتلتهم المشيئة أينما وجدوا.
وهنا تكمن مشكلة «الحوثيين» بالدرجة الأساس، والتي ظلت ماثلة، خلال أغلب تاريخهم الوجودي، في مظاهر العدمية واللامبالاة السلبية؛ إذ إنهم وفي مقابل تعرضهم خلال عقود زمنية طويلة ومظلمة لشتى أشكال النبذ والتشويه والتشهير الإلغائي والتحريض الديني والثقافي والأخلاقي من خلال تصويرهم الشاذ والمنحرف من قبل وسائل الدعاية الخونجية بكونهم الفئة الدينية المارقة على الرب وعلى الشرع، والمتطاولة على النبي وصحبه، والغارقة في أتون الشرك والشعوذة والإرهاب.
فيما «الحوثيون» ظلوا محصورين أو حاشرين أنفسهم عمدا وسط دوامة الزوامل والشعارات الدينية والكراسات التبشيرية للقائد حسين بدر الدين الحوثي... دون أن يكون لديهم أي قدرة فعلية على دحض تلك التهم والمزاعم، جراء افتقارهم في المقام الأول للرؤية والاستراتيجية الكفيلة بتقديم أنفسهم للناس وللمجتمعات المحيطة بهم بهيئتهم الحقيقية، وبالصورة التي دأبوا على انتهاجها في الأعوام العشرة الأخيرة تحديداً عبر احتفائهم الموسمي بالرجل المتهمين أصلاً بسبه والخروج عن شرائعه وقيمه الدينية (النبي محمد).
فـ»الحوثيون» إجمالا هم فتية دينيون حظر علينا تاريخيا الإنصات لهم أو الاحتكاك بهم والاستزادة من تعاليمهم، تحت طائلة الحرمان من ولوج الجنة التي لا يمكن الظفر بها على ما يبدو إلا بموجب تزكية مباشرة من عبدالله صعتر أو الزنداني أو الحجوري...!
الأمر الذي يعكس بجلاء مدى الزيف والفجور والتضليل الذي مارسته العصابات الخونجية بإفراط، لحرف البوصلة الدينية عن وجهتها الأصلية، خدمة لأهدافهم وتطلعاتهم السلطوية، عبر النبذ والتخوين والتكفير لعباد الله بمختلف اتجاهاتهم ومكوناتهم المذهبية والفكرية، الأمر الذي حفزني على الدوام للبقاء في دائرة الإلحاد الطوعي، الذي قد يجنبني طائلة العقاب الأخروي، خلافا للمطاوعة الذين قد يحتلون مقاعدنا في آخرة الرب المنتظرة... من يدري؟!

أترك تعليقاً

التعليقات