محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
أي مجتمع يحل فيه إخوان الرذيلة (المطاوعة) يصبح محط غضب الرب والمشيئة والحضارة والتاريخ دون استثناء، وسرعان ما تبدأ عجلة الموت والدمار في الدوران، سواء على شكل حروب وأوبئة ومجاعات منتجة بماركات إخوانجية كما هو الحال في بلادنا وفي الشقيقتين سورية وليبيا على سبيل المثال، أو كنتاج لنوبات غضب إلهي، والتي عادة ما تأتي على شكل عواصف وثورات بركانية وزلزالية كما حدث مؤخراً في حاضرة الخونج الجديدة والوليدة من رحم التطلعات العثمانية المحمومة لأوردغان وشلته اللاهوتية، تركيا الملتحية، والتي بلغت فيها حصيلة القتلى من ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شاسعة من أراضيها ومدنها ما يقارب الـ32 ألف قتيل حتى اللحظة، بحسب أحدث الإحصائيات المعلنة في هذا الشأن، عدا عن عشرات الآلاف من الجرحى والمشردين، وعشرات الآلاف من المطمورين تحت الأنقاض والذين تتضاءل الآمال في العثور على معظمهم بعد انقضاء أكثر من عشرة أيام على وقوع الكارثة ذاتها، بالإضافة إلى امتدادات آثارها الكارثية التي طالت ملايين البشر في أمنهم وطرق عيشهم وحياتهم اليومية بالنظر إلى حجم الخراب والدمار الذي طال مختلف المنشآت والبنى التحتية الحيوية من طرق وأنفاق وجسور ومدارس ومستشفيات ومنشآت خدمية وغيرها.
صحيح أن مشكلة تركيا الأساسية تكمن في تموضعها الجغرافي على أحد أكثر الصدوع القارية نشاطا زلزاليا وبركانيا، حيث تقع تركيا أساسا فوق مستوى الصفائح التكتونية الفاصلة ما بين قارتي آسيا وأوروبا، والتي أسفر نشاطها الجيولوجي الأخير عن تحريك وإزاحة تركيا بكامل رقعتها الديموغرافية نحو الغرب بمقدار ثلاثة أمتار كاملة في خضم الكارثة الزلزالية الأخيرة حسب آخر تشخيص وتحليل علمي أعلنه الخبراء الجيولوجيون في هذا الشأن، لكنها، ومن الناحية الأخرى تتموضع -أي تركيا- على أكف خونج الشيطان (الإخوان المسلمين) الذين تقاطروا عليها وخلال العقد الماضي تحديدا من شتى دول ومناطق الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، ما جعلها عرضة لنقمة وغضب الطبيعة من جهة أولى جراء تموضعها الجغرافي على الصفائح الصدعية التكتونية القارية كما أسلفنا.
ومن الناحية الأخرى عرضة لنقمة وغضب الرب والمشيئة باعتبارها صارت واجهة رئيسية لعبدة الشيطان (من جموع المطاوعة) ونقطة تجمع واستقطاب رئيسية لجهابذتهم ومريديهم ممن ينبذهم الرب والمشيئة معا بشدة كما هو معلوم، فلا إخوانجي يمكن استشراف الخير من ورائه، ولا مطوع يمكن أن يجلب السلام لمحيطه ومجتمعه وللإنسانية عموماً من حوله.
فعلى امتداد تاريخهم الوجودي المشؤوم لم يخلفوا وراءهم سوى الموت والفوضى والخراب والدمار اللامتناهي، لدرجة، وهذا ما لاحظناه جميعا بالتأكيد، أن الزلزال الأخير لم يضرب سوى مواطن الخونج فقط دون غيرهم، في كل من تركيا وشمال غرب سورية الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية الملتحية والمبندقة بأموال الخليجيبن، وتحديدا مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية “قسد”، المسيطر عليها كما هو معلوم من قبل جهابذة الـ”دواعش” والخونج وأعوان وعملاء مهرجي الرياض وأبوظبي، وكأن نكبة الخونج على هذه المناطق المتمثلة في الفتن والحروب الأهلية والمجاعات والتشرد الفردي والجماعي لم تكن كافية من وجهة نظر الرب والمشيئة الذين أضافوا لها فوق نكباتها المنتجة بماركات خليجية -إخوانجية- نكبة أخرى لا تقل وطأة ودمارا وهي النكبة الزلزالية الأخيرة.
خلاصة القول، إن تلك الجموع الملتحية من جلاوزة إخوان الشيطان قد لا يعدمون في هذه الحالة، وهذا مؤكد وبغية تخدير وعي شعوبهم ومجتمعاتهم كما اعتادوا -وكما عودونا دوما- الوسائل اللازمة لتفسير وتبرير تلك الكارثة من منظور ديني بحت، عبر خلق مسارات تحليلية وذهنية لما حدث في هيئة لاهوتية صرفة.
فهم -أي المطاوعة- وحينما يستيقظون كل صباح وأينما وجدوا على امتداد المعمورة، ويقررون الإيغال في تقتيل وتشريد وتعذيب شعوبهم ومجتمعاتهم، فإنهم يفعلون ذلك مدفوعين باعتقادهم الراسخ في أنهم مجرد أدوات ومنفذين لمشيئة الرب الذين يحظون ولوحدهم ومن دون البشرية جمعاء بالحظوة لديه،
وقد يُقسم دعاتهم ومنظروهم في هذا المنحى بأغلظ الأيمان على أن غضبة المشيئة والطبيعة تلك ما هي في الواقع إلا رغبة ربانية لتطهير تركيا والأتراك من دنسهم اللاهوتي ومن ماضيهم الإلحادي الآثم حينما تنكروا في حقبة جمهورية أتاتورك الوليدة في أواخر عشرينيات القرن الفائت لإرث وماضي العثامنة (دولة الخلافة العثمانية) التي اندثرت عن الوجود في أعقاب الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وليتمكن الرب من تهيئتها مجددا -أي تركيا- لتصبح مرتكزا جديدا ومتينا لخلافة إخوانجية ناشئة بطبيعة الحال من رحم الأم ومعاناة الأمتين العربية والإسلامية.
فمتى سيكون في مقدور جماعة الشر والرذيلة هؤلاء التسليم قطعا بواقع وحقيقة أن وجودهم في خضم الحياة البشرية لم يعد محل ترحيب أحد، لا الرب ولا المشيئة ولا الطبيعة ولا التاريخ ولا الحضارة ولا الإنسانية من حولهم؟ متى سيكون في مقدورهم استيعاب تلك الحقيقة؟



الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات