حمائمية بايدن وصقورية ترامب عليهم لعنتي
 

محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
سقط جو بايدن.. وسيحل خصمه السابق واللدود دونالد ترامب، محله بعد شهرين ونيف.. مثلما سيزول قريبا سلمان بن عبدالعزيز من على مشهد الحياة ليخلفه نجله المتنمر محمد بن سلمان.. حيث لا فرق في هذه الحالة البتة.. من وجهة نظري.. فجميعهم أباطرة للشر والجريمة، وإن أصرت أغلب الدراسات والتحليلات السياسية الصادرة في هذا الشأن على ابتداع الكثير من القصص والتصورات حول الفوارق المزعومة ما بين صقورية وحمائمية إدارات الحكم الصاعدة وتلك الآفلة في البيت الأبيض. حيال دول مثل روسيا والصين ولبنان وفلسطين واليمن.
رغم أن الأمر المعروف تماما يكمن في حقيقة أن مجمل الإدارات المتعاقبة على حكم «إمبراطورية اليانكي» سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، فهي تدار وتوجه في الأساس بواسطة الريموت كنترول، إن جاز التعبير، من قبل لوبيات معهد «الأيباك» الصهيوني في واشنطن، المعروف مجازا باسم «معهد العلاقات الإسرائيلية -الأمريكية»، وبالطريقة ذاتها التي تدار من خلالها أيضا سياسات وتوجهات كل الملوك والأمراء المتعاقبين على حكم ممالك ومشيخيات الجوار في الخليج الفارسي الموبوء بأحط أشكال الإفك والرذيلة والفساد.
أليس السيد دونالد ترامب هو ذاته الذي أمر وأشرف خلال فترة رئاسته السابقة على عملية الاغتيال الجبانة التي استهدفت الشهيدين قاسم سليماني والمهندس في العراق في الثالث من يناير العام 2020م.. وبالطريقة ذاتها التي تورط بها سلفه جو بايدن وأركان إدارته واستخباراته المختلفة وعبر وكلائه في المنطقة «إسرائيل» بتصفية أبرز رموز المقاومة الوطنية في لبنان وفلسطين.. بدءاً بالشهيد إسماعيل هنية ومرورا بسيد الشهداء حسن نصر الله وانتهاء بالشهيد يحيى السنوار، بالإضافة إلى أن الاختلاف المزعوم في سياسات ومواقف إدارات الحكم الأمريكية المختلفة لا ينفي شراكتهما الجنائية -أي ترامب وبايدن- المباشرة في التغطية على عمليات القتل الواسعة والممنهجة التي طالت وتطال الآلاف من نساء وشيوخ وأطفال لبنان وفلسطين واليمن الذين سقطوا ويسقطون على التوالي صرعى وبالمجان بأسلحة الأمريكان ذاتهم والمشفوعة بحمايتهم العلنية أيضا، والممولة بدولارات أزلامهم من أمراء النفط الخليجي المكرس في أغلبه ليس لضمان رفاه ومستقبل شعوبهم كما يشاع، وإنما لتكريس أبجدية التفوق والغطرسة الأمريكية ذاتها التي تشكل المعيار الأساس للنهج السياسي والإخضاعي الأمريكي حيال كل شعوب العالم المستضعفة بالصورة التي لاتزال آثارها ومآسيها راسخة في حياة وذاكرة الشعوب المكتوية بعنجهية اليانكي.. من جنوب شرق آسيا (فيتنام وكمبوديا ودول الهند الصينية عموما) إلى غرينادا والعراق وأفغانستان وسوريا واليمن.
ثم ألا يبرهن هذا الواقع حقيقة أن كهنة مراكز الضغط اليهودي «الأيباك» هم من يتحكمون ويوجهون فعليا مفاصل الحكم والقرار السياسي في اليانكي وفي أغلب ممالك ومشيخيات الخليج المجندة عن بكرة أبيها لخدمة الأجندة التوسعية والإجرامية للتحالف الصهيوأمريكي على حساب أمن وحياة وكرامة ومستقبل أصحاب الأرض الحقيقيين في واحدة من أبشع صور الظلم والقرصنة والإجرام الدولي المنظم.
إذا الحال هكذا.. فعن أي فارق سياسي يتحدث المحللون السياسيون في الغرب والشرق على السواء.. وأي حمائمية وصقورية يفندها أولئك القارعون على طبول السياسة الدولية، أوليسوا الضحايا هم ذاتهم ضحايا سياسات كل إدارات الحكم المتعاقبة على البيت الأبيض من جمهوريين وديمقراطيين خلال العقود السبعة الفائتة، والمجني عليهم بصورة قاهرة في سياق نهج التسلط والغطرسة الإخضاغية التي شكلت وتشكل لب السياسة الصهيوأمريكية على اختلاف تاريخ وجودها.
إذن، وعلى هذا الأساس.. هل يمكن القول إن حمائمية بايدن المزعومة تنطبق على إعلانه الأخير والمفاجئ والمعلن عنه في الوقت الضائع بشأن وقف الحرب في غزة.. والذي تضمن وفق تصوراته الانتهازية المريضة لحل الصراع وفق ثلاث مراحل تشمل وقفا فوريا لإطلاق نار كامل وشامل من قبل أطراف الصراع.. وانسحاب لكافة القوات «الإسرائيلية» من كافة المناطق المأهولة في غزة.. وإطلاق سراح الرهائن «الإسرائيليين».. مقابل الإفراج عن المئات من السجناء الفلسطينيين بمن فيهم النساء والشيوخ والأطفال.. وفي رؤية بايدن المتأخرة جدا جدا والمكرسة في الواقع، كإعلان أو مبادرة سليمة ليس بالطبع لوضع حد لمعاناة فلسطينيي غزة والأراضي المحتلة، كما قد يتصور البعض، وإنما لتحقيق مكسب انتخابي ليس إلا أو تحقيق مجد سياسي مشوب بأحط صور النفاق الأخلاقي في حال خسارته الانتخابات ومغادرته البيت الأبيض.
أين كانت مثالية وإنسانية بايدن وإدارته المتصهينة خلال عام من جرائم الإبادة الجماعية الوحشية التي استهدفت نساء وأطفال ومدنيي غزة ومنشآتها الحيوية والمدنية؟!
وهل تنطبق نفس المثالية المصطنعة حيال غزة والغزاويين على خطب وأجندة منافسه ترامب والتي تعد بها الجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة بوقف فوري للحرب في كل من لبنان وفلسطين، وبتحقيق السلام والازدهار في الشرق الأوسط ككل، هذا في الوقت الذي جميعنا يدرك فيه أن فوز ترامب كان في الواقع فوزا لوجستيا لنتنياهو ولعصبته المتصهينة الجديدة في المنطقة.. وتحديدا ابني زايد وسلمان. خصوصا وأن الاحتمال الأكثر ترجيحا خلال الشهرين ونصف القادمة، أي المرحلة الانتقالية، من وجهة نظري يكمن في احتمالية ازدياد حدة ووتيرة الأعمال الحربية والإجرامية ضد الفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين على السواء، حيث من المرجح أن يترجم الرئيس المنتهية ولايته بايدن شغفه المفاجئ بالسلام بصورة مغايرة ومعاكسة تماما تهدف إلى تصعيد حدة التوتر والمواجهة على مختلف جبهات الصراع مع المحور المقاوم بغية إغراق إدارة ترامب القادمة في مشاكل معقدة يصعب على الإدارة الجمهورية الخروج منها، ما يعني أن مصطلحي الصقورية والحمائمية ما هما إلا ضحك على ذقون العرب العاربة لتمكين آلات القتل والإخضاع والهيمنة من الاستمرار في عملها على الوجه الأمثل.

أترك تعليقاً

التعليقات