الأمن «الماركييزي» في الشمايتين .. الذراع القمعية واللصوصية لإخوان الرذيلة
- محمد القيرعي الثلاثاء , 17 نـوفـمـبـر , 2020 الساعة 8:06:17 PM
- 0 تعليقات
محمد القيرعي / لا ميديا -
هناك ثلاثة أنواع من البلطجة الرسمية وشبه الرسمية التي تمارسها جماعات حزب الإصلاح في محافظة تعز بصفة عامة، وفي مديرية الشمايتين بشكل خاص.
أولاها: بلطجة رسمية تديرها مليشيات حزب الإصلاح والألوية العسكرية الخاضعة لها، وعلى رأسها اللواء الرابع مشاة، في ظل هيمنتهم المطلقة على سير الأمور في المديرية وأغلب النطاق الديمغرافي لمحافظة تعز، والذي يعد (أي اللواء الرابع مشاة) صاحب السجل الأعلى حتى الآن في ممارسة أعمال القتل والاغتيالات والانتهاك الإنساني المرتكب بصورة شبه يومية، وبالشكل الذي أشرنا إليه في تقريرنا المنشور قبل أسبوعين على صفحات صحيفة "لا" العدد (542).
وثانيتها: بلطجة بلاطجة الإخوان، وهؤلاء هم في الواقع قتلة وأفراد عصابات شوارع ومجرمون فارون في أغلبهم من السجون القضائية، نجح جلاوزة حزب الإصلاح في استقطابهم وتطويعهم للقيام بمهماتهم القذرة بصفة غير رسمية، والمتمثلة بأعمال القتل والاعتداءات وسلب الأموال وإتلاف الممتلكات الشخصية والخاصة بالمستهدفين كما هو الحال بالنسبة لي أنا.
أما الشكل الثالث فيتمثل ببلطجة قيادات وأفراد وحدات الأمن المركزي والقوات الخاصة، بدءا من أعلى هرمها القيادي ممثلا بالعميد (الفضيحة) جميل عقلان القدسي (الذي يشبه إلى حد بعيد الممثل الهزلي الأمريكي الراحل ستيف هاردي)، وانتهاء بأصغر جندي في قوام هذه القوات التي بات وجودها ونشاطها في المنطقة يشكل كابوسا حقيقيا لكل مواطني المديرية والمحافظة دون استثناء.
ومساءلة كتلك تعد بديهية للغاية، فحين تكون الحرب ناشبة من أجل التفوق أو لمصلحة شلة حزبية متطرفة على شاكلة الإخوان فإن حاجة أصحاب المصلحة الحربية تصبح ملحة في مثل هذه الحالة لوجود "قوات بشمركة مسيرة" لإضفاء الشرعية على جرائمهم، وعلى نسق وحدات الأمن المركزي والقوات الخاصة التي تعمل بقيادة الجنرال جميل عقلان بتنسيق وثيق مع جماعات القتل المنظمة التابعة للإخوان في كامل النطاق الديمغرافي للمديرية والمحافظة، وذلك انطلاقا، ليس فقط من طبيعة الدور العلني والجوهري الذي تلعبه وحدات جميل عقلان في تسهيل مهام القتلة وفرق الاغتيال الإخوانجية مجهولة الهوية التي تستهدف مناوئي حزب الإصلاح وخصومه، وإنما بالنظر أيضا إلى تورط هذه القوات في تغطية آثار تلك الأفعال الإجرامية المرتكبة والتستر على هويات منفذيها بالصورة التي تؤكدها وقائع القتل الممنهجة التي طالت خلال الشهرين الفائتين على سبيل المثال العشرات ممن وضعتهم المشيئة في مرمى الاستهداف الإخوانجي الممنهج، قاتلهم الله.
وهو الواقع الذي يمكن تبيانه بوضوح من خلال الإمعان بموضوعية في مسار بعض تلك الأحداث والوقائع التي حدثت نهارا جهارا وعلى مقربة شديدة من نقاط ومواقع تمركز ثابتة لوحدات الأمن المركزي والقوات الخاصة، على غرار جريمة الاغتيال الهمجية التي استهدفت في الأول من سبتمبر الفائت 2020 الشهيد الشاب سعيد علوان شكير بمنطقة المركز شماية، وإصابة الشاب رأفت الشويع، وكذا الجريمة التي سبقتها بيومين والمتمثلة بقتل المهمش الشاب عوض أحمد سيف عبدالله الجديل وإصابة المهمش الشاب محمد علي شملان بمنطقة بني شيبة.
وهي الجرائم التي كان بإمكان الأمن المركزي والقوات الخاصة منع حدوثها بحكم تواجدهم الثابت قرب مسارحها أو ضبط مرتكبيها على الأقل، لولا أن حضورهم ذاك انتفى بصورة مفاجئة ومثيرة للحيرة ليصيروا هم الغائب الأبرز عن مسرح الأحداث، حيث بات من المعتاد في مثل هذه الحالات إما المبادرة لرفع نقاط تمركز الأمن المركزي قبل ساعات فقط من وقوع الجرم المخطط له بعناية ثم إعادة تموضعها عقب تنفيذ الجريمة مباشرة، وإما قيام أفراد ومسؤولي الأمن المركزي بإدارة ظهورهم للحدث وكأن شيئا لم يكن، كما حدث في حالات أخرى.
أما الغريب في الأمر والمثير للغثيان في الوقت ذاته فيكمن في أن ذاك الغياب المحير لوحدات ومسؤولي الأمن المركزي، وخصوصا في الحالات التي تستدعي تواجدهم لحفظ وحماية أرواح الناس وكرامتهم وأعراضهم وممتلكاتهم... الخ، يقابله في الوقت ذاته حضور ملفت ومكثف على الصعيد الاجتماعي، إذ يكفي في هذه الحالة دوي صوت مفرقعة نارية تطلق في أحد الأعراس مثلا لتستنفر على ضوئها وحدات الأمن المركزي والقوات الخاصة عن بكرة أبيها لـ"حفظ الأمن الاجتماعي" الذي يرفضون التفريط به على حد زعمهم، حيث تتوالى الأطقم العسكرية المدججة بالأفراد والأسلحة الرشاشة للتنكيل بمطلقي المفرقعات النارية وتغريمهم والزج بهم في السجون، حيث جرت عادة جميل عقلان في مثل هذه الحالات أن يكون العريس وأركان الأسرة على رأس قائمة المعتقلين، لضمان دفعهم الفدية التي باتت تشكل واحدة من مصادر الإثراء الشخصي شبه الثابتة لجنرال الأمن المركزي وعصابته المغوارة، والتي تتنوع نسبتها حسب الطقس والظروف، حيث لا تقل عن مبلغ 500 ألف ريال كحد أدنى، وعلى شكل إتاوة غير رسمية في حال كان صاحب العرس من المعدمين. أما إذا كان ميسورا فالوضع يختلف بالتاكيد، حيث لا يغطي مثل ذلك المبلغ تكاليف قات وغداء أفراد الأطقم المنفذين لـ"حفظ الأمن المجتمعي" على إيقاع "يا فرح يا سلى"!
ولا يقف الأمر عند هذا الحد بالتأكيد، إذ إن الغياب التام، أو لنقل مجازا استفحال ظاهرة الموت السريري التي باتت تعتري دون استثناء مجمل منظومة العمل الحزبي والسياسي والجماهيري والحقوقي والمدني في المديرية والمحافظة ككل قد أسهم بشكل مباشر في تحويل الجنرال جميل عقلان وأفراد مؤسسته الأمنية إلى غول حقيقي يجثم على أنفاس المجتمعات المحلية في المديرية والمحافظة دون حسيب أو رقيب.
فالأمن العام مثلا لم يعد له وجود فعلي على صعيد ممارسة مهامه العملية بعد أن تحولت نقاط ومرابض الأمن المركزي إلى مراكز للفصل القسري والهمجي في قضايا المواطنين وحجز من وقعت عليه لعنة النافذين والمتنفذين، الذين بات في مقدور أي منهم، وبالذات من يدفع أكثر، تحريك ما شاء من أطقم وأفراد الأمن المركزي بصورة غير رسمية للاستحواذ على قطعة أرض مثلا أو لفرض إرادته أو إذلال خصومه، وكله بثمنه طبعا، وبحسب سخاء المتنفذ وإمكانياته وقدرته على "إبساط" حمران العيون.
ربما لا جدال هنا حول حقيقة أن هيمنة الإخوان وبلطجتهم دأبت على وضع أغلب قادة الوحدات العسكرية ومسؤولي الهيئات النظامية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التبعية المطلقة لسياساتهم التسلطية والإخضاعية وإما العكس، وبالطريقة التي عادة ما يتحدد على ضوئها مصير العديد من هذه القيادات إما بالتصفية الجسدية كما حدث للعميد عدنان الحمادي (قائد اللواء 35 مدرع) وإما عبر الإقصاء الوظيفي القسري الذي طال أواخر العام الماضي مدير أمن الشمايتين السابق السامعي... الخ.
إلا أن الملاحظ في هذا السياق هو أن الافندم جميل عقلان لم يتردد لثانية واحدة في اعتمار قبعة الإخوان، والتسبيح بحمدهم بالصورة التي تمكن من خلالها ليس فقط من مضاعفة حظوظه لدى الإخوان وإنما أيضا في تنويع وتوسيع مصادر رزقه ومكاسبه الشخصية المتضخمة باطراد، جراء الفساد المستشري في مفاصل مؤسسته الأمنية، والذي أسهم في تحويل جميل عقلان من ضابط أمن مغمور ومنبطح بشكل مخزٍ إلى برجوازي (من عيار الكولاك الثقيل) بالنظر إلى حجم وعدد القصور والأراضي التي بات يملكها بشكل مفاجئ، لدرجة أن الزائر لقريته (قرية المكيشة) بمنطقة "قدس" النائية سينتابه نوع من الحيرة المشوبة بالريبة والشكوك حول مدى التقدم العمراني المفاجئ الذي طرأ على قرية ومنطقة لا يزال "ريال ماريا تريزا" أو الريال "الفرانصي" بالبلدي متداولا فيها بدرجة توحي بتوقف عجلة التاريخ والتطور الإنساني منذ الغزو العثماني الأول.
عموما، وبما أن ظاهرة الأفندم جميل عقلان هي في الواقع نتاج كارثي لأبجديات الحرب العبثية الناشبة في بلادنا والتي حولت الطفيليات ومرتادي الحانات والمواخير الليلية إلى صناع قرار وطني بامتياز، ما يجعلني مضطرا في هذه الحالة لعدم الخوض هكذا دفعة واحدة في جميع التفاصيل المتعلقة بشخصية هذا الأفندم واستعراض أدائه وإنجازاته اليومية، تجنبا في المقام الأول لاحتمالية إصابة قرائي بالصدمة والغثيان، ولثقتي الأكيدة ثانيا في أننا سنخصص لها في الأيام القادمة بالتأكيد حيزا واسعا في كتاباتنا واهتماماتنا، لنتمكن بذلك على الأقل من الوفاء بتعهداتنا الأخلاقية تجاه الإنسانية، راجيا في الوقت ذاته من السيد جميل عقلان وأسياده من شلة الإخوان، وفي حال ما إذا كانوا قد قرروا إلحاقي بـ"صفحات النعي"، التريث لمنحي الفرصة ولو من "باب السلف" لأتمكن من الوفاء بتعهدي هذا (أمام شعبي) وبعدها يمكنهم إلحاقي إذا ما شاؤوا وعن طيب خاطر بمن سبقوني ممن حلت عليهم لعنة الإخوان... وللحديث بقية.
* الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.
المصدر محمد القيرعي
زيارة جميع مقالات: محمد القيرعي