محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
التحركات العسكرية الأمريكية الأخيرة في مياهنا الإقليمية على البحرين الأحمر والعربي لم تكن بالأمر الجديد أو المستغرب البتة، كون أمريكا هي في الأساس عرّابة العدوان الرئيسية على بلادنا، وإن كان هذا لا ينفي وجود جملة من المؤشرات والرسائل الموجهة لأكثر من طرف، من خلال تحركاتها الأخيرة، بالنظر إلى توقيتها الدقيق، الذي جاء متوازياً من ناحية أولى مع بدء سريان الهدنة الراهنة، ومن الناحية الأخرى مع طبيعة المتغيرات الجوهرية الراهنة في مواقف وتوجهات تحالف العدوان ومرتزقته، سواء تلك المتعلقة بإعلان تشكيلة ما يسمى «المجلس الرئاسي» برئاسة المأجور رشاد العليمي، الذي بات يضم في قوامه حضورا ونفوذا صهيوأمريكياً ملحوظاً من خلال عملائهم المعروفين (رشاد العليمي الذي يتوجه في صلاته صوب الأمريكان، وكلا من عيدروس الزبيدي وطارق عفاش اللذين يتوجهان في صلاتهما من مصلى أبناء زايد صوب قبلتهم الجديدة في «أورشليم»)، أو من خلال الحراك التحاوري المحموم بصبغته الخليجية والرامية إلى إلغاء صبغة العدوان الفاشي الجماعي على شعبنا عبر السعي لـ«يمننة» الحرب القائمة.
هذا الأمر لا يعكس فحسب رغبة الأمريكان في تشديد حصارهم البحري العدواني المشترك مع محظياتهم في الخليج والمفروض على شعبنا منذ بدايات العدوان الأولى، ولا إبراز الدور العلني لشراكة أمريكا السافرة منذ بداية العدوان على بلادنا قبل سبع سنوات، وهو الدور الذي لم يكن خافياً على أحد، سواء عبر تواجدها العسكري المكثف في مياهنا الإقليمية منذ اللحظات الأولى للعدوان والمتمثل بحوالى سبع بوارج حربية وحاملتي طائرات أو من خلال الدعم التقني والعسكري واللوجستي والاستخباري المفتوح لجلاوزة العدوان إلى حد أن استهداف الشهيد الرئيس صالح الصماد تم أساساً عبر طائرة وذخيرة وطاقم أمريكي بامتياز، كما اتضح جلياً من خلال تسجيل الفيديو المعمم آنذاك من قبل العدو، ولا حتى للإيحاء باستعداد واشنطن من خلال تعزيز وجودها العسكري المشبوه في مياهنا الإقليمية لتأمين كافة أشكال الدعم العسكري والأمني واللوجستي لمرتزقتها المنضوين في هيئات النظام السياسي العميل، والذين بدأوا بالتوافد بمختلف تسمياتهم وهيئاتهم التمثيلية إلى مدينة عدن المحتلة، بمن فيهم أعضاء «مجلس العليمي» الذين توافدوا لأداء اليمين الدستورية الشكلية بطبيعة الحال بعد أدائهم يمين الولاء الفعلي أمام أسيادهم (ابن سلمان وطحنون ابن زايد)، وذلك بالتوازي مع هذا التواجد الأمريكي المعزز في سواحلنا.
هذا الأمر يحمل -من وجهة نظري- جملة من المؤشرات والرسائل الموجهة لأكثر من طرف داخلي وخارجي، وبالتحديد «الحوثيين» وإيران.
فبالنسبة لـ»الحوثيين»، فإن زيادة أمريكا حضورها العسكري جنوب البحر الأحمر بالتزامن مع زيارة المبعوث الأممي الأخيرة لصنعاء الأسبوع الفائت وجولات مبعوثها الخاص تيموثي ليندركنج المركزة في عواصم العدوان وجوارها، يوضح بجلاء مضمون الرسالة الأمريكية، ومفادها أن عليهم إما التخلي عن عنادهم والانخراط بشكل فعال في وصفات السلام (الخليج - أمريكية) بصيغتها الجاهزة، وإما المغامرة بتحمل تبعات هذا الموقف الرفضي الذي سيمتخض عنه توسيع رقعة ومساحة الحصار والمواجهة وزيادة عدد الأطراف المشاركة فيها، أي أمريكا و»إسرائيل» التي باتت -بفضل الإمارات ومرتزقتها في «الانتقالي»- تتمتع بحضور أمني وعسكري واستخباراتي ملفت في كلٍّ من سقطرى وجزر ميون وربما حنيش أيضاً.
أما الرسالة الموجهة لإيران في هذا الصدد فمفادها أن عليها المبادرة عبر الملف اليمني بإبداء حسن النية تجاه أمريكا ومحظياتها في الخليج عبر التدخل لدى أنصار الله في اليمن للقبول بالأمر الواقع، لأن من شأن تعزيز الحضور العسكري لأمريكا و«إسرائيل» في جنوب البحر الأحمر الإبقاء على سيناريو العمل العسكري ضد إيران على خلفية نزاعها النووي قائماً ومحتملاً بقوة في ظل فرض هيمنتهم المطلقة على مضيق باب المندب وطرق الملاحة البحرية فيه.
ويبقى الأمر الذي لا يزال مستعصياً، فيما يبدو، على فهم الأمريكان وأعوانهم، ويكمن في أن نتائج كل حروبهم الاستهدافية المحمومة والمتعددة الأوجه ضد الشعبين اليمني والإيراني لم تسفر عنها إلا نتيجة واحدة، هي زيادة قوة وقدرات الشعبين على المواجهة وتعزيز مقومات صمودهما ضد أسوأ السيناريوهات العدوانية المحتملة.

 الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات