محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
في منتصف ليل الجمعة الفائت، 26 آذار/ مارس، بلغ العدوان السعودي ـ الإماراتي ـ الصهيوأمريكي عامه السابع بالتمام والكمال.
ففي الساعات الأولى التي أعقبت بدء العدوان أعلن المتحدث العسكري باسم تحالف الرذيلة آنذاك (الأفندم أحمد عسيري) أنهم نجحوا في تدمير ما مقداره 95  من القدرات العسكرية لـ"الحوثيين"، وأن الأمر لن يتطلب أكثر من أسبوع واحد؛ سبعة أيام فقط (!!) ليتمكنوا من إيصال زمرتهم ووصيفاتهم (هادي وأعوانه) إلى القصر الجمهوري بالعاصمة صنعاء سالمين وغانمين ومؤزرين بالفتح المبين!
السبعة (أ ي ا م) بتاع الأفندم عسيري استُبدل حرفها الأوسط وأضيف لها حرف آخر، لتصبح (أ ع و ا م). والأهم الذي تغير خلال هذه الفترة أيضاً هو الحرف الأوسط من مصطلح "الحزم" في "عاصفتهم" العدوانية سيئة الصيت، والذي لم يعد متداولاً البتة في الروايات السعودية وأدبيات حلفائها بعد أن تحول مشروعهم الإخضاعي برمته ضد بلادنا إلى "عاصفة القزم"، التي تقزمت على ضوء نتائجها العكسية طموحات المعتدين (ابن سلمان وحلفاءه ومرتزقته)، لتبلغ حالياً حدود الرغبة الملحة في النوم بأمان على مضاجعهم، ومنح شعوبهم إحساساً زائفاً بالسكينة والأمان.
الأهم من كل ذلك مغادرتهم بأسرع ما يمكن وبأقل الخسائر الممكنة هذا المستنقع الذي ولجوه قبل سبع سنوات مدفوعين برغبة "التفسح" الموسمي للترفيه عن قواتهم، في محاولة لإثبات ذاتهم التي تضررت وتضعضعت بدرجة يصعب معها ترميمها وإعادتها إلى سابق عهدها.
ومثلما انهمرت، ليل الـ26 من آذار/ مارس 2015، صواريخ وقنابل تحالف العدوان العنقودية والمحرمة على حين غرة على رؤوس المدنيين النائمين في  رحاب العاصمة صنعاء وبقية مدن البلاد الأخرى، معلنة آنذاك ووفق سيناريو المعتدين بدء العد العكسي لـ"اجتثاث الحوثيين" وحلفائهم من أحرار هذا البلد، ومحو "المشروع الإيراني" برمته من الوجود، بحسب زعمهم، وفي زمن قياسي قالوا إنه لن يتعدى في مطلق الأحوال عدد أيام الإجازة العيدية التي اعتاد محمد بن سلمان قضاءها في أحد مواخير بانكوك الليلية؛ ها هي اليوم البالستية والمجنحة "الحوثية" المزينة بشعارات الصرخة تدك، يوم الجمعة الفائت، وقبل ساعات قليلة فقط على بلوغ مغامرتهم العدوانية تلك موسمها السابع، العاصمة السعودية الرياض وبعض مدن الجنوب السعودي، وتعيث دماراً في مصافيها ومنشآتها النفطية في رأس تنورة وفي جيزان ونجران وأبها وخميس مشيط... إلخ، معلنة أن أسبوع الحسم العدواني المفترض، والذي تحول إلى انتكاسة معنوية وإلى وصمة عار حقيقية في جبين جلاوزته، لن ينتهي بالسهولة التي بدأ بها العدوان، مثلما لن يتوقف إلا بدوس شعبنا المقاوم اعتبار وكبرياء من استضعفوه، وأن أمنهم وأمن شعوبهم مرهون بدرجة رئيسية. كما أشار سماحة القائد الأعلى للثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه الموجه للأمة ليل الجمعة الفائت في الذكرى السابعة للعدوان، إلى ضمان أمن شعبنا وكرامته وحريته واستقلاله عبر وقف جرذان التحالف عدوانهم وإنهاء حصارهم وسحب قطعهم العسكرية والكف عن تدخلهم في شؤون بلدنا الداخلية ومحاولة فرض وصايتهم عليها شاؤوا أم أبوا.
فالتحالف، الذي اتسم عدوانه منذ البداية بالصلف والطبيعة اللصوصية والإجرامية، كما أشار سماحة القائد الأعلى في خطابه الأخير، ها هو يبلغ اليوم مرحلة من الانسداد والفوضى والتعثر والعدمية حدّ أن الروايات السعودية التي كانت منصبّة منذ بداية العدوان على سرد المآثر والبطولات الزائفة لقواتها وقوات حلفائها ومرتزقتها في تحقيق الانتصار بمحور كذا، وتدمير قدرات "الحوثيبن" في منشأة كذا، وسحق تجمعاتهم هنا وإبادتهم هناك... إلخ، باتت الآن منصبة من ناحية أولى على الحديث عن اعتراض مُسيّرة "حوثية" هنا وصاروخ باليستي أو مجنح هناك، وعن نفاد مخزونهم من الصواريخ الاعتراضية التي لم تعد قادرة مثلما لم تكن قادرة أصلاً منذ البداية على حماية أجواء المملكة وحماية مدنها ومنشآتها الحيوية من ضربات المسيرات والبالستيات "الحوثية" المصنعة محلياً ويدوياً، وبأدوات بدائية تعكس مدى إصرار الشعوب المستضعفة على مقارعة مضطهديها مهما بلغ غيهم وجبروتهم.
ومن ناحية ثانية، على رغبتها العارمة بالسلام الذي تسعى الرياض لتحقيقه على أنقاض الدمار والقتل والخراب اللامتناهي الذي خلفته وحلفاؤها في مدننا وفي حياة شعبنا، عبر سعيها الحثيث لحرف بوصلة الصراع عن وجهتها الحقيقة ومنحها الصفة الأهلية، كمعضلة يمنية ـ يمنية لا شأن للتحالف بظروفها وأبجدياتها، وهو الأمر الذي كان ينبغي على جلاوزة التحالف أخذه بعين الاعتبار منذ البداية، وقبل أن يقدموا على خوض مغامرة إجرامية باتوا عاجزين عن مغادرة أسوارها.
خلاصة القول: إن الحرب العدوانية التي شُنّت قبل سبع سنوات بأبشع صور البربرية والهمجية وعلى مرأى العالم أجمع ضد شعب أعزل وفقير ظل ولا يزال عرضة يومية لكل عوامل الموت والقتل والدمار، في ظل افتقاره التام للمظلة الحمائية الجوية ولوسائل الحروب الحديثة، تحولت اليوم إلى أيقونة ملهمة حول القدرة التي يمكن للشعوب المستضعفة اكتسابها لتغيير مصيرها.
كما أن الانتصارات المتوالية المحققة ضد جحافل العدوان ومرتزقته، على أيدي الجيش واللجان الشعبيّة، لم تسهم فحسب في إجبار العدوان الصهيوأمريكي سعودي إماراتي على إعادة النظر في ما بدأه من عدوان متغطرس ضد المدنيين الأبرياء، ولا في تغيير مجرى الحسابات الحربية للعدو من خلال المعادلة الردعية المتوسعة باطراد، التي حققتها صنعاء باقتدار في مقارعتها الباسلة للعدوان براً وبحراً وجواً،  بقدر ما أسست -وهذا مؤكد- لإمكانية تحويل من يصفونهم بالمليشيا "الحوثية" إلى أحد أقوى الجيوش الضاربة مستقبلاً في المنطقة ما إن تتاح له فرص البناء الذاتي حال انتهاء الحرب عاجلاً أو آجلاً، بالنظر إلى الخبرات والقدرات الإنتاجية واللوجستية التي أجادها واكتسبها باقتدار خلال أعوام الحرب المنصرمة.

أترك تعليقاً

التعليقات