محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
حرصت دول تحالف العدوان، السعودية والإمارات تحديداً، على اختتام العام 2021 بأرذل أشكال البربرية والهمجية العدوانية، عبر استهدافهما الممنهج للمدنيين والمنشآت المدنية دون استثناء.
ففي الخامس والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الفائت، وعلى سبيل المثال لا الحصر، وفيما كانت شعوب العالم أجمع منهمكة في إضاءة شموع الأمل والسلام والتطلع المتفائل صوب المستقبل ضمن احتفائها التقليدي السنوي بأعياد الميلاد..
 كان الطيران الحربي السعودي الإماراتي يدك دون هوادة أو تمييز كل مظاهر الحياة الإنسانية في صنعاء وصعدة والجوف ومأرب والمحويت... مخلفين وراءهم عشرات الجثث المتفحمة والمتناثرة لنساء وأطفال مدنيين باتوا ولا يزالون مصنفين -وفق الأدبيات العسكرية والحربية لجلاوزة التحالف- بالأهداف العسكرية المهمة، على غرار تلك المشاهد المؤلمة التي طالعناها وطالعها العالم أجمع لأشلاء الأم والطفلين الذين مزقتهم قذائف «محرري العروبة»، قاتلهم الرب، المتساقطة ذلك اليوم على منشأة مدنية تابعة لمؤسسة الاتصالات الوطنية بمحافظة المحويت.
وبما أن بربرية تحالف العدوان تلك، والمشمولة عادة بدعم وتواطؤ المجتمع اللاإنساني الدولي، ليست مستغربة البتة، كونها ظلت ولا تزال تشكل ومنذ بداية عدوانهم الإجرامي على بلادنا المعيار الأخلاقي المحدد لطبيعة حربهم اللا أخلاقية ضد شعبنا الفقير والمستضعف، إلا أن الملاحظ هذه المرة يتمثل في أن تصعيدهم الإجرامي الأخير كان مشحونا بنزعتهم العارمة في الثأر، الثأر من كل الشعب اليمني بالطبع، بنسائه ورجاله وأطفاله وشيوخه، جراء الانكسارات والهزائم الماحقة والمتلاحقة التي طالت وجودهم ومشاريعهم الإخضاعية ومرتزقتهم في أغلب جبهات المواجهة خلال العام المنصرم تحديداً، والذي شهد تحولاً نوعياً ومفصلياً في مسار الحرب برمتها، رغم الفوارق الهائلة في الإمكانات المادية واللوجستية وفي القدرات التسليحية، بصورة بات واضحا من خلال اتجاهاتها ونتائجها اليومية على الأرض أنها لم تعد تبشر بأي ظفر مستقبلي محتمل لجلاوزة الخليج ولأسيادهم وأيضاً لمرتزقتهم في الداخل الوطني.
ودون الحاجة إلى الاستعراض التفصيلي لتلك التحولات النوعية المحققة على أيدي مقاتلي الجيش واللجان الشعبية، سواء تلك المتمثلة بمعادلة الردع الصاروخي المحققة على صعيد المواجهة مع العدو السعودي، والتي باتت تدك بصورة منتظمة قواعده ومنشآته العسكرية والنفطية والخدمية في عمق أراضيه داخل المملكة على اتساعها، أو تلك المحققة ضد مرتزقة التحالف على صعيد الداخل الوطني، حيث بلغ عدد المناطق والمساحات المحررة خلال العام المنصرم 2021 آلاف الكيلومترات في كلٍّ من مأرب والجوف وشبوة والبيضاء، في سياق العمليات المتنوعة للجيش واللجان الشعبية، بدءاً بعملية «النصر المبين» بمراحلها الثلاث، مرورا بعملية «البأس الشديد» و«فجر الحرية» و«فجر الانتصار» و«ربيع النصر» بمرحلتيها، وانتهاء بـ«فجر الصحراء».
وعموماً، وبما أن رد حركة أنصار الله على هستيريا التحالف الجوية الأخيرة، وعلى الرغم من تواضعه نوعاً ما بسبب تواضع إمكانياتهم وقدراتهم الحربية في ظل الحصار البري والبحري والجوي المفروض عليهم منذ بدء العدوان وتكالب الأمم عليهم، إلا أنه جاء موجعاً كعادته، ولكلا العدوين بالطبع، «قرن الشيطان» وربيبته أبوظبي، ليس فحسب من خلال صلياتهم الصاروخية التي أمطروا بها في اليوم ذاته، 25 كانون الأول/ ديسمبر الفائت، مطاراً عسكرياً وبعض المنشآت النفطية بمنطقة جيزان بما خلفته من قتلى وجرحى في صفوف العدو، وإنما أيضاً من خلال تلك الضربة البحرية القاصمة التي نفذت يوم الاثنين الفائت 3 كانون الثاني/ يناير الجاري على أيدي بواسل البحرية الوطنية في محافظة الحديدة عبر نجاحهم الملحمي في ضبط واحتجاز سفينة شحن عسكرية إماراتية محملة بكميات وافرة من الأسلحة والعربات والآليات العسكرية والزوارق الحربية والبنادق الرشاشة والسيارات، كانت في طريقها إلى سواحل سقطرى لتعزيز قدرات مرتزقتها هناك، «الانتقالي الجنوبي»، ولتمتين وجودها العسكري عموماً في تلك المحافظة الاستراتيجية التي أصبح كل ما يتحرك فيها وفي نطاقها يحمل السحنة الإماراتية ـ «الإسرائيلية» البحتة، في سياق معركة مهرجي الخليج للدفاع عن العروبة، كما يشاع.
وبالطبع، فإن ما يمنح تلك العملية وقعها الصادم، والتي تزامنت بطبيعة الحال مع إحياء شعبنا والشعوب العربية والإسلامية الحرة ذكرى اغتيال الشهيدين القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، لا يكمن فحسب في كونها حدثت في ظل حصار بحري محكم تفرضه دول العدوان على بحارنا (الأحمر والعربي) وعلى موانئنا ومياهنا الإقليمية ببوارجهم الحربية وبوارج أسيادهم الأمريكان التي تجول بحرية في مياهنا الإقليمية، عدا عن امتلاكهم في الوقت ذاته وسائل الرصد والتتبع المتطورة، سواءً عبر طيرانهم الحربي الحديث أو عبر الدعم الأمريكي السخي لمهرجي العدوان في المجال المعلوماتي والاستخباراتي بواسطة أقمارهم الصناعية، وإنما بالنظر أيضاً إلى ما خلفته تلك العملية (عملية ضبط السفينة العسكرية الإماراتية) من آثار نفسية ومعنوية مدمرة في صفوف تحالف العدوان، بالصورة التي يمكن قياسها من خلال تلك الهستيريا المحمومة التي شابت مواقفهم، وأبوظبي تحديداً، التي وصفت العملية ومن قبل متحدثهم العسكري (تركي المالكي) بالقرصنة وبالعمل الإرهابي المهدد، حسب زعمهم، لأمن وحرية الملاحة البحرية.
ما هذا السخف والإسفاف المبتذل إلى حد التقيؤ؟!
يأتون الى بلادنا كمحتلين ببوارجهم الحربية وقطعهم العسكرية، ويصولون كيفما شاؤوا في موانئنا ومياهنا الإقليمية، وحينما يهب المدافعون من أبناء البلد للذود عن أمن بلادهم وكرامتها وصون استقلالها في البر والبحر والجو، رغم تواضع إمكانياتهم، يوصمون بالقرصنة والإرهاب وبالخطر الملاحي... إلى آخر ذلك من نعوت وترهات.
والمشكلة هنا تكمن في أننا لا نجد أو نسمع أحداً في العالم أجمع، بما فيه المنظمات الأممية المعنية أساساً بتطبيق القانون الدولي الإنساني الداعية لصون أمن واستقلال الشعوب وكرامتها الوطنية، يبادر ولو من باب الإنصاف البديهي للمنطق بلفت نظر هؤلاء الزنادقة من معتمري الدشداشات إلى أنهم هم أساساً من يمثل التجسيد الشيطاني الفعلي لكل أشكال الإرهاب والقرصنة الدولية ضد شعب فقير ومستضعف.
خلاصة القول: هل يا ترى سيفهم أوباش الخليج أن عملية ضبط واحتجاز باخرة الأسلحة الإماراتية ما هي إلا مقدمة موضوعية لما ينتظرهم في ساحات الوغى خلال العام 2022 على أيدي شعبنا المقاوم إذا استمر غيهم وعدوانهم؟!

أترك تعليقاً

التعليقات